• Monday, 17 June 2024
logo

سوء الأوضاع وغياب الجانب الإصلاحي.. قد تتكرر أعمال الشغب في السجون العراقية

سوء الأوضاع وغياب الجانب الإصلاحي.. قد تتكرر أعمال الشغب في السجون العراقية

اندلعت أعمال شغب داخل سجن الحلة المركزي في محافظة بابل بقيام مجموعة من السجناء بتعطيل دورية روتينية لتفتيش الزنزانات احتجاجاً على سوء معاملتهم، ما أدى إلى اندلاع صدامات وكسر كاميرات المراقبة، دفعت إدارة السجن إلى الدفع بتعزيزات من القوات الأمنية بهدف السيطرة على الأوضاع، والتي خاضت مفاوضات مع مجموعة السجناء المحتجين أدت إلى انهاء حالة الشغب مع وعود بالاستجابة لمطالبهم التي يمكن تحقيقها، بحسب ما أفاد بذلك مصدر أمني مطلع، وبهذا الصدد يؤكد خبير أمني، أن السجون تفقد أهم جوانبها وهو الجانب الإصلاحي، فضلاً عن عدم وجود ضمانات بتطبيق معايير حقوق الإنسان، فيما تحذر مستشارة بمركز حقوقي من تكرار عمليات الشغب والاحتجاجات التي حصلت في سجن الحلة بسجون أخرى نظراً لتشابه سوء المعاملة والخدمات في مجموعة من السجون العراقية.

ويقول الخبير الأمني أحمد الشريفي، إن «خطورة أوضاع السجون تتمثل في تناقض الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن الهدوء وعدم وجود الأزمات والخطاب الذي يصدر من جهات تلامس واقع السجون أو يصدر عن تسريبات تناقض تماماً الرواية الرسمية، وهذا يلقي بظلاله على دولة المؤسسات التي يحكمها القانون، والمسجون الذي وقع عليه الظلم أو يعتقد بذلك سواءً بالأحكام أو الإدانة يكون في طبيعته متمرداً وغير متقبل لواقع أنه مسجون بشكل ظالم، ومن هنا انطلقت مطالبات بعض أعضاء مجلس النواب بضرورة إقرار قانون للعفو العام عن السجناء».

ويوضح الشريفي، أن «الجانب التقني غائب عن السجون العراقية وعن عموم مفاصل الدولة، والتقنية لم تدخل بعد في البنى التحتية للسجون أو في أسلوب الإدارة، والجانب التقني يشمل تحسين الأداء والظروف المعيشية للسجناء بما ينسجم مع حقوق الإنسان والمعايير العالمية للسجون».

ويلفت الخبير الأمني، إلى أن «السجون لا تعاني من غياب الجانب التقني فقط، بل تعاني من فقدان أهم شيء فيها وهو الجانب الإصلاحي وإعادة تأهيل السجناء تمهيداً لإعادة اندماجهم في المجتمع من جديد بعد إطلاق سراحهم ولدفعهم بعيداً عن الانخراط في الأعمال الإجرامية والمخالفة للقانون من جديد، وبما يصب في تحقيق الأمن الاجتماعي للشعب العراقي».

‏‎ويحذر مراقبون من تداعيات اكتظاظ السجون العراقية التي تجاوزت قدراتها الاستيعابية 300 بالمائة، وحسب تقديرات آخرين إلى 400 بالمائة، لما لها من جوانب سلبية خطيرة على الصحة والسلامة البدنية والنفسية للنزلاء.

‏‎ويعود هذا التكدس البشري -بحسب المراقبين- إلى استمرار عمليات الاعتقال والقبض على المخالفين للقانون، مع عدم حسم دعاوى الكثير من قضايا المعتقلين والإفراج عن الذين أكملوا مدد محكوميتهم. ويؤكد المراقبون، أن الحل الأمثل لتقليل الاكتظاظ هو إقرار قانون العفو العام.

مستشارة مركز توثيق جرائم الحرب فاطمة العاني، ترجع اندلاع أعمال الشغب أو الاحتجاجات لكون السجناء يتعرضون إلى الابتزاز وكذلك تعرض أهاليهم إلى الابتزاز والمساومة على سلامتهم، مشيرة إلى أن هناك أنباء تشير إلى تعرضهم للتعذيب رغم أنه بلا هدف أو غاية، حيث أن السجناء محكومون مسبقاً وهم يقضون فترة محكومياتهم، ولكنها تتعلق بجانب الابتزاز.

واوضح العاني، أن «السجناء يعانون بمختلف جوانب حياتهم اليومية داخل السجون، وهناك ظلم كبير بمسألة (الحانوت)، حيث تباع المواد فيه بأسعار كبيرة ومبالغ بها جداً، ما يشكل ضغطاً مادياً ونفسياً على السجناء لكون وجبات الطعام المقررة لهم من إدارة السجون لا تلبي كافة احتياجاتهم وهم يضطرون لشراء ما ينقصهم من الحانوت».

وتختم بالإشارة إلى أن «إهمال السجناء من ناحية تلقي العلاج والمتابعة الصحية ومسألة اكتظاظ السجون كل ذلك يدفع بعض السجناء إلى محاولات التمرد أو التعبير عن الاحتجاج نظراً لسوء الاوضاع التي يقاسوها يومياً بينما يفترض بالسجون أن تكون بيئة حاضنة لهم بهدف تحقيق الإصلاح للسجناء وليس العكس وما حصل في سجن الحلة قد يتكرر في سجون أخرى».

‏‎وتفيد تقارير لمنظمات حقوقية، وأخرى لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بوجود المئات من الحالات الموثقة التي تظهر استمرار ممارسة التعذيب لنزع الاعترافات من المتهمين، رغم أن القوانين في العراق تجرم التعذيب وتنص على ضمانات إجرائية لمنعه.

‏‎ويُعتبر ملف السجناء العراقيين، خصوصاً المحكومين بالإعدام، والذين يتجاوز عددهم 17 ألف شخص، من أبرز القضايا التي شكّلت جدلاً سياسياً وشعبياً وإعلامياً واسعاً في البلاد خلال السنوات الماضية، إذ أدين معظمهم وفقاً لمعلومات «المخبر السري»، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية.

 

 

 

مصطفى الأنباري- باسنيوز

Top