• Saturday, 18 May 2024
logo

اجعل الغذاء دواءك الأول

اجعل الغذاء دواءك الأول
عندما قال أبو الطب أبقراط «اجعل الغذاء دواءك الأول»، كان يقصد الاستفادة من القيمة الغذائية التي يوفرها في تحصين الجسم من الأمراض، لكن التوجه الجديد حاليا يتجاوز القيمة الموجودة بالفعل، لإكساب الغذاء فوائد تتجاوز فوائده التقليدية، وهو ما يعرف بـ«الأغذية الوظيفية».



«أغذية دوائية»

تعتمد هذه الأغذية على مواد لها القدرة على إحداث تأثير الدواء على صحة الإنسان، وقد سمح هذا التوجه أخيرا بالاستفادة من بعض نواتج صناعات الأغذية، والتي كان يتم التخلص منها وتسبب تلوثا للبيئة، رغم ما بها من مواد مفيدة، لكي لا تصبح الأغذية الوظيفية فقط طعاما ودواء فقط، بل وأيضا داعمة للبيئة.

• مادة «مصل حليب الصويا» هي من بين المواد التي تسبب تلوثا للبيئة وحاولت الأبحاث توظيفها في مجال «الأغذية الوظيفية». وهذا المصل هو السائل المتبقي من عملية تصنيع منتجات بروتين الصويا، وعادة ما يتم التخلص منه مما يؤدي لتلوث البيئة، لكن دراسة أجراها باحثون من كلية علوم وتكنولوجيا الأغذية بجامعة نانجينغ الزراعية بالصين، توصلت إلى أن استخدام مشروب مخمّر يسمى «كومبوتشا» يساعد في تحويله إلى مشروب وظيفي جديد.

ووفق الدراسة التي نشر ملخصها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على موقع مجلة الأغذية الوظيفية Journal of Functional Foods، تنشرها المجلة كاملة في عدد (يناير (كانون الثاني) 2019)، فإن عملية التخمر زادت من فاعلية مضادات الأكسدة في مصل فول الصويا، وأعطته نشاطا مضادا للبكتيريا ضد المكورات العنقودية الذهبية، العصوية الرقيقة، بالإضافة إلى ذلك أنتجت عملية التخمر تقلبات جديدة نشطة للرائحة، غلبت نكهة الفواكه على الصويا. وخلصت الدراسة إلى أن عملية التخمير باستخدام كومبوتشا يمكن أن تحول مصل الصويا إلى مشروب وظيفي جديد، يحقق عده وظائف صحية، أهمها الوقاية من السرطانات لاحتوائه على مضادات الأكسدة.



قشور الفواكه

• قشر الليمون. واستخدمت أبحاث أخرى قشور الحمضيات التي يتم التخلص منها في الحصول على منتجات غذائية وظيفية، منها قشر الليمون، حيث وجدت دراسة من قسم العلوم الطبية الحيوية بكلية الصيدلة جامعة كارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة، للقشر استخداما غذائيا لتحقيق فائدة صحية.

وتستخدم صبغات صفراء صناعية في الصناعات الغذائية، وكان التوجه نحو توفير هذه الصبغات من مصادر طبيعية يصطدم بعنصر التكلفة العالية لاستخراجها، لكن الدراسة التي نشر موقع دورية كيمياء الغذاء «Food Chemistry «ملخصها في يوليو (تموز) الماضي، وتنشرها الدورية في عددها المطبوع في يناير 2019. وصفت طريقة بسيطة لاستخراج الصبغة الصفراء من قشور الليمون.

ووجدت الدراسة أن صبغة قشور الليمون أكثر فاعلية للمنتجات الغذائية، فضلا عن أن هذا التوظيف يتيح الاستفادة من قشور الليمون كمصدر غني بمركبات الفلافونيد وفيتامينات سي وبي.

• بكتين (الكبيو). وصفت دراسة برازيلية طريقة لاستخراج البكتين من قشور فاكهة توجد في منطقة الأمازون، وتعرف باسم الكبيو «cubiu»، نشر ملخصها الموقع الإلكتروني لدورية الغذاء الهيدروكولويد «Food Hydrocolloids» في يونيو (حزيران) الماضي، وتنشر كاملة في عددها المطبوع خلال يناير (كانون الثاني) الجاري أيضا. والبكتين ألياف توجد بين جدران خلايا العديد من الفواكه، ويستخدم لزيادة كثافة الخليط الذي يطبخ معه، حيث يستخدم مثلا لتكثيف قوام المربيات والمواد الحافظة والمقبلات، وله فوائد صحية كثيرة، منها ما هو مرتبط بالتحكم في الشهية وفقدان الوزن، والتحكم في مستوى الكوليسترول بالدم.

وتوصل الباحثون في الدراسة التي أعدها قسم الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في الجامعة الاتحادية في بارانا بالبرازيل، أن استخدام الحمض المعدني (HNO3) أو حمض عضوي (حمض الليمون) لمدة ساعة عند درجة حموضة، يساعد في استخراج أعلى نسبة من بكتين من قشور (الكبيو).



فوائد صحية واقتصادية



• فينولات (الموز). قشور الموز كانت هدفا لبحث آخر في مجال الأغذية الوظيفية، حيث سعى باحثون أستراليون إلى رصد الفوائد التي يمكن جنيها من هذا المصدر الذي يمثل ثلث وزن الثمرة ويتم التخلص منه في النفايات.

ووفق البحث الذي أجراه باحثون من جامعة نيوكاسل الأسترالية ونشرته دورية الغذاء الوظيفي Journal of Functional Foods في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، فإن قشر الموز يحتوي على كمية كبيرة من الفينولات، حيث تم رصد 40 مركباً فردياً منها.

وتتميز هذه المركبات بامتلاك خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للميكروبات، بما يجعل من استعادة الفينولات من هذا المنتج الثانوي ميزة مهمة للصناعات الغذائية والدوائية، كما أكد الباحثون. وحدد الباحثون في بحثهم المركبات الفينولية الموجودة بقشر الموز، والعوامل التي تؤثر على وجودها داخل هذا المصدر الثانوي، والتطبيقات الحالية لهذا المصدر، والاستخدامات المحتملة في الصناعات الغذائية والدوائية.

هذه النماذج تعبر عن توجه بات ينظر له على أنه لم يعد ترفا، حيث يصاحب اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ الاقتصادية زﻳﺎدة في اﺳﺘﻬﻼك الوجبات السريعة اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﻟﻰ زﻳﺎدة خطر اﻷﻣﺮاض ﻏﻴﺮ المعدية.

ووفق باحثين هنود تناولوا البعد الاقتصادي لهذه الأغذية في كتاب تصدره دار النشر البريطانية «السفير» هذا الشهر 2019. فإن أكثر من نصف الأشخاص الذين يموتون بسبب هذه الأمراض هم في طليعة سنواتهم الإنتاجية، وبالتالي فإن الأرواح المفقودة تهدد أيضا قدرة الصناعة على المنافسة عبر الحدود، وسوف تكلف أكثر من 30 تريليون دولار أميركي خلال العقدين المقبلين، وهو ما يمثل 48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2010.

ويقول الباحثون في الكتاب الذي سيحمل عنوان (دور الأمن الغذائي الوظيفي في الصحة العالمية) ونشر ملخص عنه في نوفمبر الماضي على موقع (ساينس ديركت): «قد تساعد الأغذية الوظيفية في حدوث انخفاض كبير في الأمراض غير المعدية وكذلك في العبء الاقتصادي».







الشرق الاوسط
Top