• Monday, 06 May 2024
logo

ثورة ايلول العظيمة، صفحة مشرقة من تاريخ النضال القومي الكوردي

 	 ثورة ايلول العظيمة، صفحة مشرقة من تاريخ النضال القومي الكوردي
جواد كاظم ملكشاهي
يعد يوم 11/9/1961 ذكرى انطلاق شرارة اكبر ثورة شعبية في تاريخ الشعب الكوردي في العراق، ففي مثل هذا اليوم وبعد ان نكص قادة ثورة 14 تموز بوعودهم التي قطعوها الى الشعب الكوردي وبعد ان اخلت الحكومة بالاتفاقية مع قادة الثورة الكوردية وعلى رأسها البارزاني الخالد، لم يبق خيار امام هذا الشعب التواق للحرية والحياة الا ان يستأنف الكفاح المسلح كوسيلة للاستمرار في النضال والمقاومة من اجل حقوقه المشروعة بعد ان يئس من كل المحاولات والمساعي السلمية مع الحكومة العراقية من اجل ان يبقى سيدا على ارضه ووطنه.
في مثل هذا اليوم هب الشعب الكوردي من كل القرى والقصبات والمدن، بل من كل بيت بحسب الامكانيات المتوفرة للدفاع عن القيم الانسانية والحقوق القومية التي سلبت من شعب محب للسلام والتعايش السلمي وشارك شعوب المنطقة من العرب والفرس والاتراك وغيرهم في السراء والضراء وقدم القرابين من اجل الحرية والسلام والديمقراطية.

من يقرأ تاريخ الشعب الكوردي المتواجد في المنطقة منذ آلاف السنين وبرغم كل الظروف الصعبة التي احاطت به، لم يتجاوز يوما على اراض وحقوق الشعوب الاخرى سواء التي تعايش معها ام التي جاورها، وحمل السلاح والقيام بالثورات كان دائما من اجل الدفاع وليس التجاوز والتعدي على الآخرين، لذلك كانت لثورة ايلول العظيمة ايضا اسبابها ومسوغاتها نوجزها بمايأتي:
*بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 واستقرار الاوضاع في البلاد، بدأ قاسم يتفرد بالسلطة رويدا رويدا وقام بتصفية بعض خصومه وحتى عددا من رفاقه من قادة الثورة بالاضافة الى القيام بعسكرة المجتمع والسيطرة على جميع المفاصل المهمة في الدولة، وهذه النزعة التفردية بالاضافة الى تأثيرات واملاءات بعض القوميين العرب على افكاره، دفع بعبدالكريم قاسم الى تغيير نهجه وتعامله مع الثورة الكوردية والتنصل عن كل الوعود والاتفاقيات التي وقعها مع القيادة الكوردية، اذ لم يتغير شيء في حياة الشعب الكوردي خلال الاعوام الثلاثة الاولى من عمر الثورة، وظل تعامل الحكومة في بغداد مع الشعب الكوردي وقيادته السياسية كما كان قبل الثورة ، والمناطق الكوردية لم تشهد اية عملية تنموية ولم تصلها يد البناء والتطور وظل خطر الانصهار القومي والنظرة الشوفينية الاستعلائية يداهم شخصية المواطن الكوردي كفرد في المجتمع العراقي وقيادته الثورية التي ساندت الثورة بمواقفها بحسب الامكانيات المتاحة.

* بعد عام واحد فقط من نجاح الثورة ، اتخذ قاسم اجراءات لتحديد الحريات العامة كحرية العمل الحزبي والنقابي واغلاق الصحف ومطاردة قيادات الاحزاب السياسية ومنها الحزب الديمقراطي الكوردستاني والعمل على مضايقة قياداته وكوادره واعضائه ولذلك التحق معظم اعضاء وكوادر الحزب بقوات البيشمركة في المناطق المختلفة لاستئناف الكفاح المسلح.

*قصف القرى والقصبات الكوردية الآمنة من قبل قوات الجيش والميليشيات التابعة للحكومة بغية الاستعداد لشن هجوم عام عليها وفي هذا الاطار شنت الطائرات العراقية وبشكل مفاجئ صبيحة 11 ايلول من عام 1961 غارات جوية على مقرات البيشمركة والمناطق السكنية، لخلق حالة من الرعب والضغط النفسي على الجماهير الكوردية لأرغامها على الاستسلام وخلق فجوة بين تلك الجماهير وقيادتها.

*في حزيران من عام 1963 تحركت جحافل الجيش تساندها مجموعات مما كانوا يسمون بـ(الفرسان) واعطيت لها الاوامر بقتل كل من يعارضهم مع اباحة كل شيء لهم، اي الاجهاز على القرى وقتل اهاليها والاستحواذ على ماتقع عليه ايديهم باعتباره غنائم حربية.
هذه الاسباب الرئيسة كانت وراء انطلاق ثورة ايلول العظيمة التي قادها القائد الرمز البارزاني الخالد والتي استمرت ضد الحكومات المتعاقبة الى عام 1970 ووصول حزب البعث الفاشي الى دفة الحكم وتوقيع اتفاقية اذار لاحتواء الثورة بشكل مؤقت والمماطلة والتسويف بشأن تنفيذ بنود الاتفاقية لتثبيت اركان النظام، وفعلا اندلعت الحرب مجددا في عام 1974 حتى توقيع اتفاقية الجزائر الخيانية بين شاه ايران وصدام حسين بوساطة جزائرية وتضييق الخناق على الثورة ما ادى الى انتكاسة مؤقتة استمرت اشهراً حيث تمكنت قيادة الثورة من اعادة تنظيم جماهيرها وارسال مفارز قتالية صغيرة خفية الى كوردستان لأستئناف القتال ضد النظام الصدامي.
تلك الاسباب الداخلية وعدم وجود دعم دولي للثورة الكوردية بسبب الحرب الباردة بين قطبي الشرق والغرب المتمثلة بالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وتلاقي مصالح القوى الكبرى مع انظمة المنطقة وخاصة نظامي ايران والعراق في تلك الفترة ادت الى قيام ثورة ايلول العظيمة والتي قدم خلالها شعبنا الكوردي تضحيات جساما من اجل نيل حقوقه القومية المشروعة وحققت الثورة مكاسب كبيرة اهمها الاعتراف الرسمي لحكومة قاسم بالشعب الكوردي كقومية ثانية في العراق وضرورة منحه حقوقه القومية وتوقيع اتفاقية 11 اذار في عام 1970 مع نظام البعث ومنح الكورد الحكم الذاتي برغم ما رافقها من سياسات القمع وكبت الحريات والتضييق على اعضاء الحزب وكوادره .
Top