• Monday, 06 May 2024
logo

البرلمان العراقي والسياسة السلبية

البرلمان العراقي والسياسة السلبية
عصمت رجب
منذ التغيير في 2003 كان من المفترض ان تجري سياسة العراق في إطار جمهورية برلمانية ديمقراطية فيدرالية، وهو نظام التعددية الحزبية، حيث تمارس السلطة التنفيذية من قبل رئيس الوزراء لمجلس الوزراء بصفته رئيس الحكومة، فضلا عن رئيس العراق، وتناط السلطة التشريعية في مجلس النواب العراقي ليعمل بمهنية تشريعية رقابية بعيدة عن المحسوبيات والمنسوبيات الشخصية والسياسية.
في 22 تموز 2003 تشكلت سلطة الائتلاف الموحدة مجلس الحكم في العراق، الذي كانت صلاحياته محدودة إلا أنه قام بكتابة قانون إدارة الدولة للفترة الأنتقالية التي كانت بمثابة دستور مؤقت في العراق، وفي 28 حزيران 2004 تم حل مجلس الحكم في العراق وتم تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة التي قامت بكتابة مسودة الدستور العراقي الدائم في 3 مايو 2005 حلت الحكومة العراقية الانتقالية محل الحكومة العراقية المؤقتة وكانت المهام الرئيسية لهذه الحكومة هي الإعداد لقيام الأنتخابات العراقية لاختيار برلمان وحكومة دائمية في العراق مدتها 4 سنوات والتصديق على مسودة الدستور الدائم الذي كتب من قبل مجلس النواب العراقي المؤقت في الحكومة العراقية المؤقتة.
وبعدها استمر مجلس النواب بالعمل ضمن نطاق صلاحيات وامتيازات منحها لنفسه باجتماعات دائما تكون مغلقة بعيدة عن نظر الجماهير العراقية متكئا على الغطاء الديمقراطي الممنوح من امريكا (دون دراسة لواقع شعب اصبح تحت ظل دكتاتوريات طويلة الامد، لايجيد سوى الخطابات الديمقراطية بعيدا عن الممارسة).
وهكذا استمر مجلس النواب العراقي بالعمل رغم ضعف المهنية وضعف الاداء والتجاذبات السياسية، تاركا الشعب العراقي في واد وهو يعمل في واد اخر غارقا في مناكفات ومزايدات سياسية بعيدة عن الواجبات الحقيقية التشريعية للبرلمان من خلال تصدي كتل مذهبية طائفية نافذة، لها الغالبية في المجلس، جاءت في غفلة من الزمن، لتتصدر مركز القرار العراقي اسقطت ثلث مساحة العراق بيد الارهاب وجعلت العراق في ذيل قائمة الدول السعيدة للمعمورة، هجرت وابادت المكونات العراقية الاصلية كالايزديين والمسيحيين ودمرت البنى التحتية للبلد واستباحت الاعراض واحرقت الحرث والنسل، وانشغلت بالإقالات ومحاربة الجهات التنفيذية في الحكومة والتي خرجت من رحم هذا البرلمان دون ان تنظر او تحاسب المسببين في ما وصل اليه العراق من دمار .
اذا كان هذا الفشل كله وهو مجرد قطرة في بحر من الفشل لثلاثة عشر سنة فماذا سيكون مصير العراق لو استمرت هذه الكتل في عملها بهذا الاسلوب السلبي البعيد عن المهنية، والمرتكز على خلافات شخصية بين النواب والكتل مع تنامي ظواهر الفساد وضغوطات على الشعب ومحاولة ابعاد وتهميش وتجويع مكونات اصيلة عراقية بقطع رواتب وميزانيات لمكون معين دون الاخرين؟، وبناء مؤسسات ملشياوية بغطاء عسكري وزجها في معارك داخلية هدفها زيادة التسلط على رقاب الشعب وتدمير ماتبقى من البنى التحتية والشعور الوطني في البلد؟ .
Top