• Monday, 29 April 2024
logo

كرامة حياة الكورد واستقرار الاقليم أولاً

كرامة حياة الكورد واستقرار الاقليم أولاً
معد فياض

الاحتجاجات السلمية التي تطالب بحقوق المواطنين حق، بل من اساسيات العملية الديموقراطية في اي نظام حكم ديموقراطي، هذا ما يحدث في جميع انحاء العالم، لكن عندما تتحول هذه الاحتجاجات الى تظاهرة تخريبية بفعل تسرب المندسين اصحاب الاجندات السياسية والخارجية، تتحول الى عمل غوغائي يستهدف امن البلد او الاقليم او المحافظة او المدينة ويسلب الحقوق المدنية للاخرين.

عندما قامت احتجاجات تشرين السلمية في عموم العراق، منطلقة من بغداد والتي طالبت بالتغيير وثار شبابها ضد الفساد تضامن العراقيون بجميع قومياتهم واديانهم ومذاهبهم وطوائفهم معها وايدوها بشتى الاساليب السلمية، تلك الاحتجاجات التي تحولت الى انتفاظة استشهد خلالها اكثر من 700 شاب وجرح ما يقرب من 25 الف آخرين، وكان رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني من أول مؤيديها والداعمين لها عندما تحدث في اعمال مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي عقد في 19 كانون الثاني 2020 عن حق شباب العراق في التظاهر من اجل المطالبة بحقوقهم.

وبالرغم من ان محتجي تشرين واجهوا الرصاص الحي والقنابل الميسلة للدموع، الا انهم تشبثوا بسلمية حراكهم، فلم يحرقوا مؤسسة رسمية، أو يخربوا او يهجموا على الممتلكات الحكومية والشخصية، بل على العكس من ذلك، قاموا بصيانة وتنظيف وتزيين ساحة التحرير ونفقها، وأنشاوا (بلاج) على ساحل نهر دجلة واقاموا الاماسي الشعرية والموسيقية والمعارض التشكيلية وقدموا العروض السينمائية والمسرحية.

نقول ذلك، ونحن نشعر بالاسف لما حدث خلال احتجاجات محافظة السليمانية، بمركز ادارتها وبعض الاقضية والنواحي التابعة لها، والتي شهدت حرق مبانٍ عامة والاعتداء على الممتلكات الشخصية للمواطنين، أنا شخصيا اعلن تضامني مع اي احتجاج او تظاهرة سلمية تطالب بحقوق المواطنين ضمن سياقات تضمن أمن واستقرار المدينة وتحافظ على السلم الاهلي وتحرص على الاملاك العامة والخاصة ضمن أطر قانونية.

حكومة اقليم كوردستان عبرت عن تأييدها للتظاهرات السلمية بشرط حصول الجهات المتظاهرة على موافقات رسمية، وهذا نظام معمول به في جميع انحاء العالم المتقدم والذي ينتهج النظام الديموقراطي في الحكم، واعترضت، حكومة الاقليم، على الممارسات غير المسؤولة التي أدت الى حرق مبانٍ رسمية وشبه رسمية كما ادت في مواجهاتها مع الاجهزة الامنية الى مقتل واصابة عدد من المواطنين.

كانت من أولى شعارات واهداف ثورة ايلول الكوردية "الحرية لكوردستان والديموقراطية لجميع العراقيين"، وكان، وما يزال، إقليم كوردستان منذ ستينيات القرن الماضي ملجأً للمناضلين والمعارضين العراقيين بجميع طوائفهم الاثنية والدينية، بل ان أول مؤتمر للمعارضة العراقية ضد النظام الدكتاتوري السابق عقد عام 1991 في منتجع صلاح الدين، وعندما انفصل اقليم كوردستان بعد انتفاضة شعبه المجيدة عام 1991 عن الحكم المركزي ببغداد، تحولت مدنه، اربيل خاصة، الى عاصمة للنضال من اجل تحرير العراق من الحكم الشمولي الدكتاتوري، وشهد العراقيون وللمرة الاولى نظاما ديموقراطيا في الاقليم، تنفسوا من خلاله هواء الحرية.

هذا يعني ان التقاليد الديموقراطية في اقليم كوردستان عتيدة وراسخة قبل ان يتحدث عنها الدستور العراقي عام 2005، وما زالت هذه التقاليد تحكم الاقليم من خلال انظمة انتخاباته النزيهة وبرلمانه واحزابه التي في السلطة او في المعارضة، وتفوق بذلك على بقية مناطق العراق وفي مقدمتها بغداد، تضاف الى ذلك منجزات حكوماته في مجالات الاعمار والخدمات الصحية والتربوية والتعليمية والاجتماعية مما جعل من محافظات الاقليم قبلة لجميع العراقيين.

لقد تعمدت الكتل السياسية الشيعية والسنية، التي تشعر بعقد النقص من منجزات القيادة الكوردية الحضارية، باختلاق المشاكل الاقتصادية ووضعها كعراقيل امام استقرار الشعب الكوردي في اقليمهم شبه المستقل، وضغطت هذه الكتل بقسوة على الحقوق الاقتصادية ومن ثم الحياتية للمواطن الكوردي وذلك بحرمانه من استحقاقاته المادية المشروعة مما ادى الى غضب الشعب الكوردي، وكانت هذه اهم اهداف تلك الكتل التي ما عرفت من انجازاتها في مناطقها بوسط وجنوب العراق سوى الخراب والفساد وعدم الاستقرار الامني، والذين لا يستقر لهم حال الا بخراب الاقليم، لا سامح الله، حيث سيبقى ذلك حلماً بعيد المنال، وستبقى منجزات الاقليم كابوسا يقلق مضاجعهم.

لسنا ضد اي احتجاج سلمي يطالب بحقوق المواطنين سواء في البصرة او الناصرية او كربلاء او بغداد او السليمانية، شرط ان يحفظ هذا الاحتجاج حياة المواطنين والممتلكات الشخصية والرسمية وان يبعد من بين صفوفه الغوغائيين الذين يريدون تنفيذ اجندات خارجية او سياسية، دون ان ننسى بأن المدن التي حدثت بها اعمال الشغب ليست بعيدة عن الحدود الايرانية ولا عن اجندات حزب العمال الكوردستاني التركي، وهنا نحن لا نتهم جميع المحتجين الذين من حقهم التعبير باسليب سلمية عن رأيهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة.

على المحتجين ان ينتبهوا الى ان اعداء الاقليم من داخل وخارج العراق يتربصون بأية فرصة لتخريب المنجزات الوطنية لكوردستان التي قامت بدماء واموال وجهود الكورد وتضحياتهم الجسيمة منذ ما يقرب من قرن من الزمان، تلك المنجزات التي جعلت من اقليم كوردستان قبلة للحرية والحياة الكريمة التي تليق بكورد العراق والتي لم تتحقق لأي كورد في الدول المجاورة، بل وليس للعراقيين في باقي مناطق البلد.

حمى الله كورد العراق، وحفظ لهم اقليمهم، وحياتهم الامنة الحرة المستقرة في ظل قيادة حريصة على شعبها العزيز.










روداو
Top