• Saturday, 04 May 2024
logo

عندما تؤرخ القصة القصيرة للنضال، للتراث، للانسانية وللعشق

عندما تؤرخ القصة القصيرة للنضال، للتراث، للانسانية وللعشق
من عمق التاريخ مرورا بمعاناة الانسان الكوردي، تباهيا بالطبيعة والتراث، اعتزازا بالشهادة، وصفا للاحدث، و تخيلا للمواقف، ثلاثة وستون قصة قصيرة من عناوينها تحس بغزارة الكلمة والمعنى، وتحس بأن ما يقدمه د.سكفان خليل هدايت في مجموعته القصصية ( حارس النرجس ) ليس فقط شيء مميز بل يغوص في الطبقات الداخلية غير المرئية من المشهد الانساني كما يقول د. ماجد الحيدر في تقديمه للمجموعة .


عناوين القصص تكفي لتعرف ماذا يقدم هدايت : ليلى زانا، المنصة ، شهادة، تاريخ، نسر جبلي، انفال، شفان برور ، حكاية علم، السجين، التضحية ، اقمار الطفولة، اخوة وخصام وحارس النرجس. وغيرها كل واحدة منها تتحدث عن موقف مليء بالاحداث، و تعبر عن الكثير من المحنة للانسان الكوردي وتراثه والعشق و الانسانية.
حارس النرجس اضافة جديدة للقصة القصيرة الكوردية باللغة العربية، اذ يعبر الكاتب في كل واحدة منها عن محطة تاريخية مهمة من خلال شخصية او حدث، من خلال ذكرى او موقف ، ، ، في قصة الهدية التي تؤرخ سجن وخروج المناضلة و النائبة الكوردية ليلى زانا في تركيا يتكرر الموقف في قصص اخرى في المجموعة، و تتسابق الكلمات و الجمل لتخبرنا بما يحمله الكاتب من موقف " احضر كل عصفور ريشة انتزعها من جناحه، فاجتمع من الريش ما يكفي ويزيد لصنع وسادة، لتريح عليها ليلى زانا رأسها الصغير بعد عشر سنوات من الحبس الجائر!".
قصص سكفان خليل هدايت تنقلنا الى مواقف تاريخية بأشكال اخرى لم نتعود عليها كثيرا، ففي قصة المنصة التي تخص المناضلة الكوردية ليلى قاسم التي اعدمت من قبل نظام حزب البعث في عام 1974 في بغداد تتجسد المعاني الكبيرة والمهام المهمة للقصة القصيرة " ابتسمت ليلى في حبور، ثم ضحكت ملىء شدقيها ... بينما كانت اقدام السفاحين تغوص في الاوحال اكثرر فأكثر ".
تجسيد الموقف المليء بالمعنى، تجسيد الموقف المليء بالاحساس يتمثل بشكل واضح في قصة ( حكاية علم ) حيث تبرز قدرة الكاتب في نقل الموقف الواقعي بخيال التمني " كان العلم بخطوطه الملونة لايزال يرفرف في الاعلى بمرح، اذ ذاك أحست الشمس بلفحة برد مفاجأة ! فمدت يدها والتقطت العلم الجميل وتدثرت به،، ومنذ ذلك التاريخ ، صارت الشمس تسكن هذا العلم المبارك، ولاتغادره ابدا".
الوصف والسرد للاحداث والوقائع الاجتماعية التي تعبر عن التراث الكوردي، تجسدت بشكل كبير في قصص سكفان، سواءا في موضوع الخالة روشن وتربية طائر القبج او وصف حال المعرضين وتعاطي السلطة معهم بالقسوة والقتل والتعذيب.
في تناوله للشخصيات الكثيرة والانفال و المحطات التريخية الكثيرة التي مرت على الشعب الكوردي، لم ينسى عرض الشخصيات الكثيرة بعض منها عراقية ايضا واخرى من غيرها من المدن ( الشيخ الخزنوي، محمد جميل بندي الروزبياني ) واخرون ،،، ترى الحدث بأجلاله في قصة ( نسر جبلي ) الذي يجسد موقف من مواقف ملا مصطفى بارزاني مع الشاعر هزار وتواضعه اذ يقول هدايت على لسان البارزاني " يا صديقي لست زعيما لأحد، اورئيسا، وان كان لابد ان اكون، فأنا اتمنى ان اكون زعيم نفسي فحسب! ويكفيني ان اكون خادما لشعبي".. في رد على تساؤل للشاعر هزار بما يمكن يصفوه .
حتى التمثل بقصص الحيوانات كانت جزءا من القصص حتى التمثل بالواقع الذي مر به الشعب الكوردي في العراق او الاجزاء الاخرى من كوردستان سواءا في المعارضة او الانشاد للحرية، او الجبل والوجوه والاسلحة والذعر وظلم الحكام او السخرية من الاعداء او تشبيه الضحكة كفرقعة رصاص ومن المواقع الاثارية والكهوف والجبال وجسر دلال في زاخو،،، المدن حتى المدن تمثلت بشدة في قصصه و الوقائع التي عبر عنها.
بشيء من السخرية والاختصار في ما يصل اليه الطغاة يسرد في قصة ( صدام ) كيف تحول الطاغية الى دكتاتور بعدما رأى نفسه اكبر من الجميع " وبعدما قفز على الاحياء والقرى والمدن وسائر البلاد ... عندها حدق الى ما تحت قدميه،، فوجد الجميع ادنى من كعب قدمه، واقل من نعل حذائه، فلم يجد عندها اي ضير في ان يسحق أيا كان.. متى وكيفما يشاء".
ولان الكاتب د. سكفان خليل هدايت معروف بالوصف في قصصه و ربط الاحداث بالماضي بطريقة تليق بالاحداث ينقل القارىء الى صورة من الماضي من خلال قصة ( عماء ) التي تخص موقف (اتاتورك – كمال اتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة 1928 ) وموقفه تجاه الكورد. حيث ينقل في تلك القصة خجل المواجهة على قراره بتجريم شعب بكامله ولغة امة بأكملها اذ يقول في مقطع منها " هل يمكن ان يكون شعب بأكمله خارجا على القانون، ... أيمكن ان تكون لغة امة كاملة خارجا على القانون ؟ .... أفحمه السؤال، فطأطأ راسه".
والنرجس ، هل يمكن ان يمضي موقف دون رمز من رموز الكورد، العلم والنضال، والجبل والقبج ثم ورود النرجس في الاخير ليربطها بالموقف في الحفاظ على الوطن كما الحفاظ على نرجس المقبرة.
المجموعة القصصية ( حارس النرجس ) هي من منشورات اتحاد الادباء الكورد – دهوك ذي التسلسل 252 قدم لها د. ماجد الحيدر الذي وصفها بالقول بأنها : اذا كانت القصة القصيرة فنا شبيها بالتصوير الفوتوغرافي ... يؤدي د. سكفان خليل دورا اكثر قربا الى عمله النبيل الاخر : طبيبا مختصا بالفحص الشعاعي.
ويرمز الى تجسيده لابطال قصصه بالقول : يختار ابطال قصصه من شخصيات طبعت بصمتها على تاريخنا او من اشخاص عاديين او حتى من الجماد والنبات والحيوان .
خضر دوملي – دهوك
Top