• Tuesday, 07 May 2024
logo

فلسفة الحشد السياسي

فلسفة الحشد السياسي
مصطلح جديد ظهر حديثا في الساحة السياسية الشيعية العراقية، وهو مصطلح استعمله قادة الحشد الشعبي لكي يبقى للحشد دور أساسي في العملية السياسية بعد نهاية داعش، وهم يدركون جيدا أن هذا الحشد لن يبقى، وسيتم حله مستقبلا، والتصويت الذي حصل في مجلس النواب العراقي كان مخالفا لإرادة الشركاء في العملية السياسية، ولهذا يرددون شعارات محددة كقولهم الحشد باق، الحشد مقدس لا يمكن المساس به، كل ذلك ردا على من يحاول التقليل من شأنه، أو التنقيص من قدره، أو المحاولة لحله، وتأتي أهمية هذا المصطلح لمرحلة ما بعد داعش، وكذلك لمرحلة ما قبل الانتخابات القادمة لمجلس النواب العراقي لسنة 2018، لا ريب أن الحشد الشعبي قدم تضحيات كبيرة عند اقتراب داعش من بغداد، فهي قوة شعبية تطوعية لمرحلة معينة ولمنطقة معينة، ولم يكن في تصور صاحب الفتوى السيد علي السيستاني ولا في نيته أن يتحول الحشد الشعبي إلى مؤسسة عسكرية رسمية تابعة لرئاسة الوزراء، ولهذا فهو نادم على مآلات تلك الفتوى، لأنها استغلت من قبل بعض قادة الحشد لأغراض شخصية وحزبية وسياسية، وها هي تلك الفتوى تستغل لأهداف سياسية انتخابية من قبل قادة الحشد، وإن كان التحالف الوطني الشيعي يؤكد في خطابه السياسي أن الحشد مؤسسة عسكرية، ولن يشارك في الانتخابات القادمة، ولكن هذا مجرد كلام لا قيمة له، فقادة الحشد قد حضروا أنفسهم بقوة للإنتخابات منذ بدايات تشكيله، فهم يتحدثون الآن عن الحشد السياسي، وقد قال أحدهم: لا بد للحشد أن يكون له حضور في الجامعات، وغداً بكل تأكيد سيطلبون حضور الحشد في المدارس والمساجد والجوامع والوزارات والهيئات والدوائر والأسواق والشوارع والبيوت والبرلمان والسفارات والممثليات والقنصليات وفي كل شيء، وحينئذ نعلن نهاية الدولة المدنية، وبداية الدولة الدينية الأيدولوجية، التي هي الكارثة الحقيقية بحق الديمقراطية والتعددية، وعندما تم التصويت على قانون الحشد الشعبي في مجلس النواب العراقي كنت أول من صرح بأن الدولة المدنية قد انتهت، مما أثار سخط نواب التحالف الوطني الشيعي وخاصة نواب دولة القانون، وأوصلوا رسالة اعتراضهم إلي شفهيا عن طريق أحد مقربي نوري المالكي، واعترضوا على تصريحي ببيان صدر عن الهيئة منتقدين بشدة تصريحاتي ضد تشريع هذا القانون، والمؤسف أن بعض نواب الكتل الكوردستانية صوتوا للقانون من كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاتي وحركة التغيير باستثناء نواب الاتحاد الإسلامي الكوردستاني والجماعة الإسلامية، وفيما يخص نواب الحزب الديمقراطي الكوردستاني فإن قيادة الحزب تركت الأمر لرئيس الكتلة، وقرر رئيس الكتلة السيد خسرو كوران آنذاك أن يكون نواب كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني أحرارا، مع أن هذا القرار لم يكن صائبا، وقد أدركت القيادة خطأ القرار، فكان ينبغي عدم التصويت لقانون يهدد أسس الدولة المدنية والديمقراطية، ويهدد كوردستان في المستقبل، وخاصة بعد انتهاء حرب داعش.
من المعلوم أن الحشد تم تأسيسه بفتوى السيد علي السيستاني، ولكن العجب أن نوري المالكي يدعي باستمرار في خطاباته وتصريحاته وتغريداته أن الحشد هو مشروعه الفكري، وأنه كان يفكر بجدية وبعمق بضرورة تشكيل جيش عقائدي يدافع عن شرف الأمة ومكتسباتها حسب تعبيره، والحقيقة أن المالكي كان يفكر بذلك، لكنه لم يكن يجرأ أن يقوم بهذا العمل، لأنه سيتم رفضه ليس من قبل السنة والكورد والمكونات الأخرى فحسب، بل حتى من الشيعة أنفسهم، لأن الهدف واضح للجميع، فهو سيكون جيشا طائفيا للقضاء على المخالفين من غير الشيعة، وعلى الشيعة الذين لا يساندونه في مشروعه الحزبي والسياسي، ومع أنه لم يستطع تشكيل ذلك، لكنه حول الجيش العراقي الوطني إلى جيش طائفي حزبي، ولهذا وقف السنة ضده في الأنبار وصلاح الدين والفلوجة والموصل وديالى، ووقف الكورد ضده في كركوك، وحتى الشيعة وقفوا ضده خذ مثلا وقوف التيار الصدري ضده في البصرة، ووقوف المرجع الديني الصرخي ضده في الجنوب، لذلك لما تشكل الحشد الشعبي بالصورة التي ذكرناها، يحاول المالكي تصوير نفسه أنه هو المرشد الروحي للحشد، وأن أساس الحشد من عصارة أفكاره.
لا أحد يستطيع أن يقلل من تضحيات الحشد، ولا أحد يشك في أهمية الحشد لتلك المرحلة المؤقتة، ولكن لا السنة ولا أغلب الكورد راضون ببقاء الحشد بهذه الصورة الرسمية، بل حتى السيد علي السيستاني غير راض بما آل إليه الحشد، بل إن رئيس الوزراء حيدر العبادي يتمنى حل الحشد في أقرب وقت، لأن بقاءه يهدد مصيره السياسي في الانتخابات القادمة، لأنه يدرك جيدا أن الحشد سيقف ضده، وسيؤيد خصمه المالكي الذي لم يقصر في معاداته بكل ما يملك من قوة من أجل إسقاط حكومة العبادي، وتصويرها بصورة سيئة للعقل الجمعي الشيعي، لكن العبادي استطاع تجاوز هذه العراقيل والعقبات، ولكن حكومته في الوقت نفسه مهددة بالإقالة والسقوط في أي لحظة من اللحظات بسبب نواب دولة القانون للمالكي في مجلس النواب العراقي.
من شروط ورقة التسوية التاريخية للسنة حل الحشد الشعبي نهائيا، لأن السنة رأوا أن هذه الفتوى التي أصدرها السيستاني تم استغلالها من قبل البعض لاستهداف المكون السني، ولهذا انتقدها أحد مراجع السنة الشيخ أحمد الكبيسي وغيره، إن وجود مؤسسة عسكرية رسمية باسم الحشد بجانب القوات العراقية الوطنية مخالف للدستور، ومناقض لأبسط مباديء الدولة المدنية والديمقراطية ومفهوم الدولة الوطنية، وأن بقاء الحشد بهذه الصورة سيكون خطرا يهدد مصير الانتخابات القادمة لأنه سيكون حاسما، ولهذا يخشى السنة ويخشى التيار المدني من حضور الحشد السياسي في الانتخابات القادمة، وأشد الناس حماسا وتلهفا لمشاركة الحشد هو المالكي، وأكثر الدول تشجعيا لحضور الحشد هي إيران، لأن أكثر فصائلها مرتبطة بها كما صرح بذلك قادتهم، ولهذا يحاول السيد مقتدى الصدر في مشروعه السياسي الذي قدمه في 29 تسع وعشرين نقطة حل الحشد الشعبي، وآخر تصريح له قال: إنه سيقوم بحل سرايا السلام التابعة له، وهي إحدى فصائل الحشد الشعبي، ويفكر المجلس الأعلى جديا في هذا الأمر، بالرغم من أنه كان من أشد المتحمسين للتصويت على قانون الحشد الشعبي، والحقيقة أن ورقة التسوية التاريخية التي قدمها السيد عمار الحكيم ستولد ميتة إذا لم تضف فقرة جديدة تقول بصراحة بحل الحشد الشعبي في المستقبل، لأن ورقة التسوية التاريخية للسنة تطالب ذلك بوضوح في إحدى بنودها، يأتي خوف بعض الجماعات الشيعية السياسية من الحشد الشعبي أنه ربما يعيد حزب الدعوة إلى الساحة من جديد بقيادة المالكي، وعودة المالكي إلى الساحة عملية انتحارية بالنسبة للتيار الصدري، لذلك فهو مرفوض جملة وتفصيلا، وسيقدم التيار الصدري الغالي والنفيس من أجل منع عودة المالكي، ولهذا يأتي السيد مقتدى الصدر ليفكر جليا بحل سرايا السلام تمهيدا لحل الحشد الشعبي، لأن وجود الحشد ضامن لعودة حزب الدعوة جناح المالكي إلى السلطة، أما المجلس الأعلى فهو مع كونه متفقا مع الصدريين في ضرورة منع عودة حزب الدعوة جناح المالكي، إلا أنه ليس جديا بعد في مسألة حل الحشد الشعبي، لأنه هو المستفيد أيضا بوجود الحشد، لكنه هو الآخر يخشى أن يخرج الحشد من يده وسلطته، كما حصل ذلك للتيار الصدري عندما خرج القيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق من يد السيد مقتدى الصدر، وأصبح مستقلا.
أما رئيس الوزراء حيد العبادي فهو مع كونه قياديا في حزب الدعوة، لكنه في تصوري رجل مدني مثقف عاش في الغرب منذ السبعينات إلى سقوط البعث 2003، ونال شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية في جامعة مانشستر البريطانية، وليس رجلا أيدولوجيا قحا كأقرانه من أقطاب حزب الدعوة، لكنه في الوقت نفسه رجل ضعيف لا حول له ولا قوة، وتعد كتلته النيابية من أضعف الكتل في مجلس النواب العراقي، وبالرغم من انتصاراته الحربية ضد داعش، وكذلك نجاحاته الدبلوماسية مع الخارج وخاصة مع الخليج وتركيا، وسياسته الناعمة مع كوردستان، لكنه سيظل ضعيفا مهددا بسحب الثقة في أي لحظة من اللحظات، لأن كتلة دولة القانون بزعامة المالكي هي الكتلة الأكبر، وربما سينضم نواب آخرون لها للوقوف ضد العبادي، ولهذا يحاول العبادي الإستقواء بالخارج كالمملكة العربية السعودية وأمريكا، وبالداخل بالحزب الديمقراطي الكوردستاني والتيار الصدري، ولهذا تحسنت العلاقة بين العراق والسعودية، وبين بغداد وأربيل وخاصة في الجانب العسكري، - وإن كان الجانب السياسي والاقتصادي في وضع متأزم وهش- وأتصور أن العبادي له رغبة صادقة في حلحلة المشاكل مع الإقليم، لكنه يعاني من المعارضين لهذه السياسة، وهناك ضغوطات شعبية وماكنة إعلامية ضخمة ضده، لذلك فهو سيحاول بقدر الإمكان حفظ التوازن في تلك العلاقات إلى أن يتحقق النصر ضد داعش، وإلى أن تأتي الانتخابات القادمة لعله يحظى بولاية ثانية، لكي يقوم بتطبيق مشروعه السياسي.
من الصعب أن يحظى العبادي بولاية ثانية لأن غالبية حزب الدعوة ليسوا معه، بل هم مع نوري المالكي، وإيران لا تريد عودة العبادي، بل ستحاول جاهدة دعم المالكي، لكونه أفضل رئيس وزراء في تاريخ العراق حسب رأي القيادة الإيرانية، ولذلك هناك تصدع وانشقاق حقيقي بين صفوف حزب الدعوة الإسلامية، وهذه التصدعات هي بين المالكي والعبادي في صورتها الخارجية، لكن هذه الخلافات في العمق هي بين مرجعية النجف العراقية بقيادة علي السيستاني، وبين مرجعية القم الإيرانية بقيادة الخامنئي، وبتعبير آخر صراع حقيقي بين الدولة المدنية التي يؤيدها السيستاني، وبين ولاية الفقيه التي يتزعمها الخامنئي، لقد وصل العبادي إلى قناعة أن التعويل على حزب الدعوة فقط لا يسعفه في نيل الولاية الثانية، لأنه لن يتم ترشيحه، لذلك فالحل الوحيد تشكيل كتلة عابرة للطائفية، وذلك بالتعويل على الأطراف الأخرى المعارضة لعودة المالكي من السنة(متحدون لأسامة النجيفي)، والكورد(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) وكذلك التيار المدني(الوطنية لأياد العلاوي) والشيعة(التيار الصدري) لأن هذه الأطراف جميعها معارضة لعودة المالكي، وكذلك بالتعويل على الجهات الخارجية من دول الخليح وخاصة الممكلة العربية السعودية، وقد جاءت زيارة وزير الخارجية السعودية عادل جبير لبغداد لمساعدة العبادي في مشروعه المدني بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم زيارة العبادي إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تعد هذه الزيارة مهمة للغاية، وقد ركزت هذه اللقاءات على إخراج العراق من المأزق الأيدولوجي، ومن المحور الإيراني، لكي يعود إلى مكانه الطبيعي، ومحيطه العربي، ليكون جزءا من التحالف العربي الأمريكي، وهذه رغبة أمريكية حقيقية للوقوف بحزم ضد طموحات إيران وتدخلاته وتغلغله في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا واليمن، ولقد تحدث الرئيس دونالد تراب للعبادي عن خطأ الاتفاق النووي مع إيران، وكذلك خطأ الانسحاب الأمريكي من العراق، ومعلوم أن الحديث عن الاتفاق النووي مع العبادي قد يراه البعض أمرا غريبا، لأنه لا علاقة للعراق بهذا الاتفاق النووي، ولكن عند التفكير الدقيق نجد العلاقة المتينة بالعراق، فالاتفاق النووي الإيراني ساهم في تدخل إيران أكثر في المنطقة وخاصة في العراق، لأنه أعاد لها عافيتها الاقتصادية، وحسن صورتها في المحفل الدولي، ومعلوم أن هذين الأمرين أي الاتفاق النووي والانسحاب الأمريكي من العراق حصل في زمن الرئيس السابق باراك أوباما، ذلك الرجل الذي خيب آمال الأمريكيين في تصور دونالد ترامب، وعليه فإن العبادي أمام امتحان صعب، فإما أن أن يرضي المحور الإيراني، ووقتئذ سيخسر الدعم الأمريكي والخليجي وخاصة المملكة العربية السعودية ودعم الأحزاب المدنية العراقية بمختلف توجهاتها، وإما أن يرضي المحور الأمريكي وهذا بمثابة انتحار سياسي في الشارع الشيعي، والحقيقة أنه سيحاول الحفاظ على التوازن بين المحورين حتى يحدد الشعب العراقي مصيره السياسي في الانتخابات القادمة، وإن كان العبادي في قرارة نفسه يميل إلى المحور الأمريكي لأنه هو الضامن الوحيد لحفظ العراق من التدخلات الخارجية، ومساعدته في الإعمار وعودة النازحين والوقوف بحزم ضد الإرهابيين، ولولا أمريكا وحلفائها لما تحرر الجانب الأيسر، ولن يتحرر الجانب الأيمن من الموصل لو تخلت أمريكا عن مساندة العراق عسكريا في حربها ضد داعش، لذلك فإن العملية ليست سهلة فهي معقدة للغاية، وهي تراكمات وتداعيات خطأ الانسحاب الأمريكي المبكر من العراق، مما جعل العراق فريسة للإرهاب، ولقمة سائغة للتدخلات الإقليمية الصارخة في شؤون العراق كلها، وضحية الصراعات الأيدولوجية في المنطقة، لذلك أصبحت إدارة دونالد ترامب على قناعة أنه لا يمكن أن تذهب جهود أمريكا في تحرير العراق سدى وهدرا، فهي التي حررت العراقيين من نظام صدام حسين، ولولا أمريكا لبقي صدام حسين يحكم العراق، ولبقيت الطبقة الحاكمة في العراق متسكعة في الخارج، لا أحد يعرف عنها شيئا، لذلك يعتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا بد لأمريكا أن تكون لها الكلمة الفصل في العراق، لأن أمريكا هي التي حررت العراقيين من نظام صدام حسين بدماء أمريكية، لذلك يعتقد دونالد ترامب أنه ليس من المعقول أن نحرر بلدا لأهله ثم يأتي باراك أوباما الرئيس السابق فيقدم العراق على طبق من ذهب لدولة أخرى تعادي أمريكا فيه، فهو يلقي اللائمة على الرئيس السابق الذي هو سبب خراب العراق ودماره، وسبب تدخل الدول في الشأن العراقي، وأنه لم يستطع أن يضع حدا لهذه التدخلات، ولم يستطع أن يقنع الشعب العراقي أن هذه الحرية التي يملكونها هي بسبب أمريكا، بل إن باراك أوباما ساعد المالكي في العودة إلى الحكم لولاية ثانية رغم خسارته أما العلاوي في انتخابات سنة 2010، كل ذلك إرضاء لإيران التي كانت ترفض العلاوي لتولي رئاسة الوزراء، هذه الأخطاءفي نظر دونالد ترامب أخطاء كارثية وخيانة لدماء الجنود الأمريكيين، لذلك فهو يصر ويعمل بجد على تصحيحها بأسرع وقت ممكن، ومن هنا أعطى دونالد ترامب فرصة ذهبية للعبادي لكي يحدد موقفه من التطورات السريعة، ولهذا نجد الأدارة الأمريكية على عجلة من أمرها لحسم معركة الموصل والرقة، لكي تتفرع للشأن السياسي في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، وهذه الإدارة في تصوري جادة وعملية في تعاملها مع الملفات الساخنة في المنطقة، ولا يمكن لها أن تترك العراق بهذه الصورة لكي تصبح مسرحا ومرتعا للإرهاب والمليشيات المسلحة، والتدخلات الخارجية الصارخة، فهي ستضع حدا لكي من يعادي مشروع الإدارة الأمريكية الجديدة بمنطق القوة، وهي الآن بصدد وضع قائمة لضم أسماء على لائحة الإرهاب، وهي قائمة طويلة تضم سياسيين عراقيين وقادة مليشيات مسلحة، لكي تقضي على كل من يعارض مشروع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وفيما يخص السنة فقد اجتمعوا في أنقرة برعاية أمريكية وجهود خليجية(المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر) وتركيا والأردن لكي تكون جهة واحدة يمكن التعامل معها في مرحلة ما بعد داعش، واختاروا سليم الجبوري لقيادة التحالف السني لكنه مقبولا من الطرف الشيعي والسني على حد سواء، وهذه الخطوة هزت إيران وزلزلت دورها في العراق، وتحاول أمريكا تشكيل هذه التحالفات القوية للوقوف أمام إيران وروسيا والصين، أما الكورد فموقفهم واضح، حيث همهم الاستقلال الذاتي، وإن كانت مواقفهم مختلفة، لكن الرأي السائد والعقل الجمعي الكوردي لا يريد العودة إلى بغداد، بل يريد الاتجاه نحو الاستقلال، ولا مانع لدي التحالف الذي تقوده أمريكا من مسألة الاستقلال الكوردي، لأنه عامل استقرار وأمان وسلام للمنطقة، وخاصة أن الذي يقود هذا الاستقلال رجل معروف بمواقفه الداعمة للاستقرار والسلام والتعايش السلمي بين القوميات والأديان والمذاهب والمكونات، ألا وهو السيد مسعود البارزاني رئيس أقليم كوردستان، فقضية استقلال كوردستان بات ضروريا لتقوية هذا التحالف، وجميع الدول المشاركة في هذا التحالف ستبارك استقلال كوردستان بسعادة، إلا بعض الدول المعادية للتحالف الذي تقوده أمريكا.
وعليه، فإن أمركيا تبحث عن الرجل المناسب لقيادة العراق في المرحلة المقبلة، رجل يحاول إشراك جميع مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية بصورة فعالة، ويؤمن إيمانا حقيقيا بمباديء الديمقراطية والتعددية الدينية والسياسية، ويرفض الأفكار الدينية المذهبية التي تكون معيارا لقيادة البلد، ولا يقف عائقا أمام طموحات الشعب تجاه أي نظام يختاره، سواء كان نظاما فدراليا أو كونفدراليا، لأن جميع الذين حكموا العراق بعد 2003 كانوا عكس ذلك، ولهذا وصل العراق إلى هذه المرحلة الحرجة من الفساد والكساد والحرب والنزوح والتهجير والقطيعة بين أربيل وبغداد، كل ذلك بسبب السياسات الخاطئة لمن حكم العراق.
Top