• Tuesday, 30 April 2024
logo

الإسلام السياسي في السعودية

الإسلام السياسي في السعودية
لا يمكن الحديث عن الإسلام السياسي في المملكة العربية السعودية دون الحديث عن تحقيب نشأة الدولة السعودية، حيث مرت نشأتها بثلاث حُقُب، الحقبة الأولى: الدولة السعودية الأولى والتي تأسست بين (1744-1818)، فسميت إمارة الدرعية، وقد حصل اتفاق تاريخي استراتيجي بين حاكم الدرعية محمد بن سعود بن محمد بن مقرن وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب، على أن تكون شؤون الدولة السياسية بيد محمد بن سعود وذريته من بعده، ويتولى الشيخ محمد بن عبد الوهاب شؤون الدولة الدينية، وقد رضي الطرفان لأن الشيخ محمد عبد الوهاب سيكون حرا في فرض ما يعتقده على المجتمع من عقائد وتصورات، ولقد كان الرجل حنبليا والمذهب الحنبلي هو أقرب المذاهب الى المذهب السلفي، فأعلن حربا لا هوادة فيها ضد الخرافات والبدع في المنطقة بالقوة، وقد رضي الملك محمد بن سعود بذلك، لأن حمل الناس على عقيدة واحدة يعني حملهم على البيعة للملك لأنه إمام المسلمين، وطاعة الإمام واجبة، ولا يخفى أن قادة العالم الإسلامي عبر التاريخ يطبقون هذه القاعدة التي نجدها في كلمة أبي الحسن العامري الأندلسي عندما قال:" الدين بالملك يقوى، والملك بالدين يبقى"، فغاية علماء الدين تقوية الدين، وغاية قادة العالم البقاء في السلطة مدى الحياة، فبالرغم من الاختلاف بين القبائل الموجودة في المملكة لكنها كانت تعتقد بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فمع شدة الصراع بين أسرة آل سعود وآل رشيد لكنهما كانتا تعتنقان بعقيدة الشيخ محمد عبد الوهاب، إذن كان الخلاف سياسيا ومن أجل بسط النفوذ، ولا يزال ذلك الاتفاق التاريخي ساريا حتى يومنا هذا، فآل سعود يحكمون البلد، وآل الشيخ يديرون الشؤون الدينية، وخاصة في تولي مسؤولية المفتى الأكبر للدولة في أكثر المراحل التاريخية، لكن هذه الدولة (الدولة السعودية الأولى) سقطت على أيدي القوات العثمانية بقيادة ابراهيم باشا سنة 1818، لأن العثمانيين رأوا أن هذه الدولة الفتية تمزيق للأمة الإسلامية وتهديد للخلافة الإسلامية، وسيكون ذريعة للشعوب الأخرى نحو الاستقلال.
الحقبة الثانية: الدولة السعودية الثانية، أسسها هذه المرة تركي بن عبد العزيز بن محمد بن سعود سنة 1818، واستمرت حتى سنة 1891 أي ثلاثا وسبعين سنة(73)، وسميت بإمارة نجد، لكنها سقطت مرة أخرى بيد آل رشيد بعد حروب عدة بين الأسرتين أي آل سعود وآل رشيد.
الحقبة الثالثة: الدولة السعودية الثالثة والنهائية، تُعَّدُ هذه الحقبة الأخيرة حيث تبدأ سنة 1902 عندما استرد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود الرياض، وقد انسحبت القوات العثمانية سنة 1906، وتأسست الدولة السعودية بعد أن وحد جميع أراضي شب الجزيرة العربية بدعم بريطاني، فقد ضم الى مملكته مكة المكرمة سنة 1924، والمدنية المنورة سنة 1925، حتى وحدها جميعها ليعلن ولادة الدولة السعودية المعاصرة سنة 1932، وقد حكم ملوك آل سعود السعودية منذ تأسيسها وحتى الآن، وهذه قائمة بأسماءهم وتواريخ حكمهم: فبعد وفاة الملك عبد العزيز تولى أبناءه الحكم سنة 1953، ويمكن ترتيبهم حسب التسلسل التاريخ:
1) سعود بن عبد العزيز وهو أكبر أبناءه(1953-1964).
2) فيصل بن عبد العزيز (1964 -1975).
3) خالد بن عبد العزيز (1975-1982).
4) فهد بن عبد العزيز (1982-2005).
5) عبد الله بن عبد العزيز (2005-2015).
6) سلمان بن عبد العزيز (2005) وربما هذه المرة سيكون ولده الأمير محمد بن سلمان مرشحا لتولي الحكم، لأن له دورا وتأثيرا وقوة في المملكة، ولكي يعطوا الدور للجيل الشاب المتحضر المدني في إدارة الدولة، وخاصة في هذه المرحلة العويصة المليئة بالتحديات الداخلية والخارجية.
في عهد الملك عبد العزيز وتحديدا في سنة 1915 ظهرت حركة الإخوان في السعودية، وقد قويت الحركة، وكان الهدف منها تطهير المنطقة من جميع مظاهر الخرافات والفساد والبدع والشعوذة وتطبيق الشريعة وتأسيس دولة إسلامية حقيقية، والوقوف ضد الأجانب، وخاصة بريطانيا بعد انسحاب القوات العثمانية، علما أن الملك عبد العزيز عقد معاهدة رسمية سميت بمعاهدة(القطيف) مع الحكومة البريطانية في السنة نفسها أي 1915، وفي سنة 1916 قام الملك عبد العزيز بزيارة الإخوان وأعلن بعد اللقاء معهم أن جميع القبائل الموجودة تحت حكمه يجب أن تنضم للإخوان من أجل تشكيل جيش التوحيد، وعين فيصل الدويش أميرا على تلك القبائل، وقد فرحت الحركة واقتنعت أن الملك هو قائد سياسي سينشر الإسلام الصحيح، وكان هدف الملك الرئيس تصفية خصومه السياسيين لكي يسيطر على مقاليد الأمور، وفي هذه السنة أي 1916 قام شريف مكة شريف مكة (الحسين بن شريف) مؤسس المملكة الحجازية الهاشمية بالثورة لاستقلال العرب من الدولة العثمانية، ونقْل الخلافة من الأتراك الذين اغتصبوها-حسب قناعته- ظلما وجورا الى العرب وآل بيت رسول الله(ص) لأن الخلافة في قريش وليست في غيرهم، وقد وعدت بريطانيا شريف مكة بنقل الخلافة ليكون خليفة للمسلمين، لكن عندما سقطت الخلافة سنة 1918 تخلت بريطانيا عنه، وفي سنة 1919 وقعت معركة بينه وبين آل سعود لكنه انهزم أمام آل سعود ثم تم نفيه بعد هزائمه المتكررة الى قبرص من قبل بريطانيا سنة 1925 أقام فيها ست سنين، ثم بعد أن مرض سمحت له بريطانيا بالعودة الى الأردن، ثم مات سنة 1931 ودفن في القدس.
إن قيمة علماء الدين وأهميتهم عند القادة ثابتة شريطة عدم تدخلهم في السياسية، فعندما يتدخلون في السياسة لا تبقى لهم أهمية ولا قيمة، ومن ثم يبدأ الصراع فورا، ويشتدد يوما بعد يوم كلما تدخلوا أكثر في الشؤون السياسية للدولة، الى درجة أن يلغي أحدهما الآخر، وهذا ما حصل فعلا في زمن الملك عبد العزيز سنة 1926، يقول الفيسلوف الألماني ماكس فيبر:" عندما تصبح الكارزما الدينية أكثر قوة من النظام السياسي، فإنها تحاول إخضاعه، إن لم تستول عليه بالكلية، وبما أن الدولة بدورها تدعي لنفسها كارزما خاصة بها، فإن ذلك يدفع الجهة الدينية لاعتبارها عملا من عمل الشيطان". بدأ الصراع بين الطرفين عندما كانت للملك اتصالات مع البريطانيين، وهذا يتناقض مع عقيدة الإخوان، وخرق للاتفاق الذي حصل بينهما، فحصل الصدام بين الملك والإخوان، فتمت تصفية الإخوان سنة 1930، فالملك كان يعتقد أنه من الصعب جدا تأسيس دولة قوية مدنية متطورة دون التواصل مع العالم الخارجي المتطور متمثلا في الغرب، لم يكن يريد الملك هذه المواجهة معهم، لكنه قد عانى من مواقف الإخوان وتصرفاتهم وسلوكياتهم، فعندما زار الملك عبد العزيز محل فيصل الدويش- الذي عينه الملك أميرا على القبائل القاطنة تحت حكمه- كان ثوب الملك طويلا فجاءوا بمقص وأزالوا ما زاد على الحد، والملك لا يزال مرتديا لثوبه، فقال جلال كشك أحد كتاب التاريخ معلقا على هذا السلوك من الإخوان:" عندما احتج فيصل الدويش على طول ثوب الملك أعطاه المقص وتركه يقص ما تجاوز حد الدين، ولكن لما هدد الدويش النظام قص رقبته"، وموقف آخر حدث سنة 1926 قبل وصول الملك لأول مرة للرياض جلد الإخوان علنا رئيس الديوان الملكي لمجرد الشك في أنه لم يؤد الصلاة مع الجماعة". تشتت الإخوان وتفرقوا في المملكة، فانضم أكثرهم للحرس الوطني، وقد بدأ الملك عبد العزيز بالتواصل مع المفكرين لكي يستطيع مقاومة التيار التقليدي المتطرف، فاتصل بمحمد رشيد رضا وشكيب أرسلان ومحب الدين الخطيب وهؤلاء مفكرون عمالقة ومدنيون ومعتدلون.
في سنة 1936 زار حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية السعودية لأداء فريضة الحج، فالتقى بالملك عبد العزيز وقبل يده، وأبدى اعجابه به، ثم طلب منه فتح فرع للإخوان المسلمين في السعودية، لكن الملك رفض طلبه بطريقة دبلوماسية حيث قال له: كلنا إخوان وكلنا مسلمون"، وسبب إلحاح حسن البنا على فتح فرع للإخوان المسلمين أمران: أحدهما أهمية الحرمين الشريفين وقدسيتهما في مخيلة العالم الإسلامي، وثانيهما النفط الذي تم اكتشافه في السنة نفسها أي سنة 1936، وقد بدأت السعودية بإنتاجه بعد سنتين أي 1938، فهذان العاملان الأساسيان شجع حسن البنا لهذا الطلب، وعندما زار الملك عبد العزيز مصر سنة 1945 استقبله الإخوان المسملون بحفاوة، وعليه كانت العلاقة بين الملك والإخوان المسلمين متينة، لكنها ساءت بعد تخطيط الإخوان المسلمين للقيام بثورة في اليمن، حيث وجدوا أن السعودية تدعم الإمارة الزيدية الوراثية، وقد تحسنت العلاقة بين الملك عبد العزيز والملك فاروق ونسيا خلافاتهما بسبب دعم السعودية للإمارة الزيدية، وبعد اغتيال حسن البنا سنة 1949 ثم وفاة الملك عبد العزيز سنة 1953 بدأ قمع الإخوان المسلمين في مصر، وقد فتح الملك فيصل أبواب بلاده لاستقبال المضطهدين من مصر وسوريا وخاصة بين أعوام (1958-1965) أي بعد سنتين من تولي جمال عبد الناصر حكم مصر، وقد عقد الإخوان المسلمون سنة 1954 في موسم الحج في مكة المكرمة مؤتمرا لإعادة هيكلة الحزب بإشراف المرشد العام حسن الهضيبي بعد اغتيال البنا، وقد كانت السعودية بحاجة الى العقول الفكرية من أجل تطوير البلد، ولهذا امتلأت الجامعات بقادة الإخوان المسلمين ومفكريهم، وقد تركوا تأثيرا فكريا كبيرا في السعودية، ولهذا ظهر في السعودية جيل شاب جمع بين منهجية الإخوان المسلمين وفكر السلفية لتصبح في المستقبل نواة السلفية الجهادية، ولهذا بدأ أتباعها بنشر هذه الأفكار التي شكلت فيما بعدا خطرا على السلطة وعلى التعايش السلمي في البلد، وقد قويت هذه الجماعة بعد غزو العراق للكويت، حيث استعانت السعودية بالقوات الأمريكية وفتحت القواعد لها، من أجل الوقوف ضد مطامع صدام، ومن أجل تحرير الكويت من احتلال العراق، ومن هنا بدأ أتباع هذه الجماعة بتكفير السلطة وتكفير العلماء الذين أيدوا الاستعانة بالكفار، ثم دعوا الى تغيير هذا النظام الكافر، منهم وليد السناني أمضى (23) سنة السجن، وسعود القحطاني أمضى(22) سنة في السجن، حيث عرفوا بالفكر التكفيري، والبعض الآخر لا يزال يقف ضد السلطة في السعودية أمثال سفر الحوالي الذي تأثر كثيرا بمحمد قطب الإخواني وهو شقيق سيد قطب، وكذلك سلمان العودة وغيرهم، هؤلاء تأثروا بمنهجية الإخوان المسلمين الإنقلابية، ولم ينضموا للتيار السلفي الدعوي التربوي الإرشادي، كما كان عليه ابن باز وابن عثيمين والفوزان والألباني، وعليه، فهناك سلفيتان، السلفية الدعوية وهي مسالمة ومتصالحة مع السلطة كما هو الحال في السعودية وبعض دول الخليج، وسلفية جهادية كما نجدها في مصر والجزائر وأفغانستان وفي فترة من الفترات في كوردستان، وقد اتخذت السلفية الجهادية أشكالا متعددة نجدها في القاعدة وداعش وجبهة النصرة وهي مستمرة، ولا بد من ذكر السلفية السرورية التي جمعت بين السلفية والقطبية (نسبة الى سيد قطب المصري الي أعدمه جمال عبد الناصر سنة 1966)، مؤسسها محمد سرور زين العابدين وهو من سوريا، كان يعيش في لندن صاحب مجلة البيان والسنة الممنوعتين من السعودية، وصاحب مؤسسة المنتدى الإسلامي في لندن، توفي سنة 2016 ولم يترك أثرا كبيرا في ساحة العالم الإسلامي.
في عهد الملك فيصل(1964) نشط تياران إسلاميان في المملكة: تيار الإخوان وعرف بالصحوة الإسلامية، وهم اللاجئون من مصر وسوريا والعراق، فهو تيار أجنبي، والثاني التيار السلفي التقليدي المحلي، وقد بدأ هذا التيار يزداد قوة ونشاطا وتأثيرا بعد تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برئاسة المفتى العام محمد بن إيراهيم آل الشيخ ونائبه الشيخ عبد العزيز بن باز سنة 1961، وقد وجه ابن باز دعوة للألباني للتدريس في الجامعة عندما كان نائبا لرئيس الجامعة، لأنه كان عالما كبيرا في الحديث النبوي، لكن في سنة 1963 لم يجددوا له العقد لنقده الشديد لعلماء السعودية واتهاهم بالتقليد للمذهب الحنبلي، لكنه ترك خلفه طلبة يلتزمون بمنهجه، وأسسوا الجماعة السلفية المحتسبة سنة 1965، فبدأوا بتكسير التماثيل والصور في الجامعة، ثم تم تشكيل مجلس شورى لهم لإدارة الجماعة برئاسة ابن باز ويكون أبو بكر الجزائري نائبا له، ومن بين المجموعة جهيمان العتيبي – الذي اقتحم بيت الله الحرام واستولى عليه وسنتحدث عنه بعد أسطر- و مقبل الوادعي من اليمن، وبعض أعضاء جماعة الإخوان الذين شاركوا في المواجهة ضد الملك عبد العزيز، في هذه الفترة قام الأمير خالد بن مساعد بن عبد العزيز بجمع الإخوان من أجل الاستعانة بهم للسيطرة على الدولة، ففي سنة 1965 حاول الاستيلاء على مبنى التلفزيون في الرياض، لكنه فشل فتم إعدامه بأمر الملك فيصل مع كونه من أبناء الأسرة الحاكمة، وزج البقية في السجون، وفي سنة 1975 اغتيل الملك فيصل، ومما زاد من قوة هذه الجماعة قيام الثورة الإسلامية في ايران سنة 1979، حيث تصوروا أن هذه الثورة ستكون بمثابة دعم كبير لأي ثورة إسلامية تقوم في العالم الإسلامي، أسست الجماعة أي الإخوان مركزا في المدينة المنورة، عرف ببيت الإخوان يديره الطالب اليمني السابق في الجامعة الإسلامية أحمد حسن المعلم، وهو صديق جهيمان العتيبي، وفي سنة 1976 انتشرت الجماعة في جميع مدن السعودية، كان جهيمان العتيبي العقل المدبر لهذه الجماعة، فكان في خصام دائم مع مشايخ السعودية التقليديين الذين كان يسميهم بمشايخ السلطة، قام وفد برئاسة الجزائري بزيارة بيت الإخوان لكي يتخلوا عن ممارساتهم الغريبة وموافقهم المتشددة، وقد وقع تصادم عنيف بين الجزائري وجهيمان فانشقت الجماعة الى نصفين سنة 1977، انضم الشباب الى جهيمان، أما البقية فلحقوا بالجزائري، عمل جهيمان (18) سنة في الحرس الوطني أي بين (1955-1973)، ثم التحق بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ثم تفرغ للإخوان، وعندما علمت السلطات بانشقاق جهيمان عن الجماعة التقليدية الشرعية التابعة للسلطة برئاسة ابن باز ونائبه أبو بكر الجزائري داهمت الشرطة مركزهم، لكن جهيمان ورفاقه فروا، وبقي جهيمان فارا ومطلوبا لسنتين وهو يعيش في صحراء السعودية، وفي سنة 1979 قامت الجماعة بنشر البيانات والمنشورات لتغيير النظام والقيام بالثورة تقليدا للثورة الخمينية التي قامت في السنة نفسها، هذه الجماعة تأثرت من الناحية المنهجية لا الفكرية بالجماعات المسلحة في مصر، وبأشرطة الخطيب الشهير عبد الحميد كشك المصري(توفي سنة 1996)، وكذلك بكتب الشيخ عبد العزيز راشد النجدي صاحب كتاب الطواغيت المقنعة في الإسلام، وقد تم منعه من التدريس، ثم بدأ جهيمان بـتأليف الكتب والرسائل في تكفير السلطة السعودية، وأنه يجب تغييرها، والحقيقة أن جهيمان أشار في أحد كتبه الى ما حصل لأجداده من قبيلة عتيبة التي ينتمي إليها، عندما قام الملك عبد العزيز بتصفيتهم سنة 1929 في معركة السبلة، ففيصل الدويش الذي أعدمه الملك عبد العزيز في ثورة الإخوان وسلطان بن بجاد كانا شيخي قبيلتي عتيبة ومطير، فحتى والد جهيمان وهو محمد بن سيف شارك في ثورة الإخوان ضد الملك عبد العزيز لكنه نجا وعاش حتى سنة 1972، فثورته دينية من حيث الشعارات لكنها كانت قبلية من حيث الواقع، يقول أحد مقربيه:" كان شديد التعصب لقبيلته عتيبة، وكثير الذكر لمثالب القبائل الأخرى، في (20) نوفمبر سنة 1979 اقتحم جهيمان ورفاقه وهم (300) مسلح الحرم المكي واستولوا عليه، وقد أعلن بالميكرفون للناس قبل إعلان الثورة أن محمد بن عبد الله القحطاني أحد أقرباءه هو المهدي المنتظر وهو مجدد الإسلام، وعليه يجب مبايعته، وقد قاوموا (17) يوما، لكن ثورتهم أخمدت في (4) ديسمبر بمساعدة ثلاثة ضباط من القوات الفرنسية الخاصة بقيادة الكابتن(بول باريل)، وقد أعدم جهيمان ورفاقه سنة 1980، وقتل القحطاني في المواجهة، وأكثر الذين تم إعدامهم كانوا من قبيلته عتيبة، ومن مصر واليمن الجنوبي والشمالي والكويت والعراق والسودان، ولهذا لا يزال أبناء قبيلة عتيبة يعارضون سلطة آل سعود عبر التاريخ، مات جهيمان لكن بقي من يدافع عنه وينشر أفكاره وهو أبو محمد المقدسي الأردني الذي التقى برفاق جهيمان في السعودية، ثم نشر كتابا في تكفير الدولة السعودية والدفاع عن ثورة جهميان، وهو الآن يقبع في سجون الأردن منذ سنة 1995.
وبعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع قطر سنة 2017، تستقبل دولة قطر الإسلاميين الذين يعارضون السعودية، وتقوم عن طريق قناة الجزيرة بفتح ملفات الإسلاميين في سجون السعودية، وقد امتلأت قطر بالإخوان المسلمين الذين ينتقدون السعودية والإمارات ومصر باستمرار، عن طريق مؤسسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تأسس سنة 2004 في لندن برئاسة يوسف القرضاوي، ويرأس المؤسسة الآن أحمد الريسوني بعد انتخابه سنة 2018 في مؤتمر أسطنبول، ويحتل علي القرادغي الكوردي منصب الأمين العام لها، ومقرها الآن في قطر، وقد صنفت السعودية والإمارات والبحرين ومصر هذه المؤسسة في قائمة الإرهاب، لكونها مؤسسة حزبية تهدف الى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وانتقدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية في بيان لها هذه المؤسسة ورئيسها وأعضاءها، والذي يبدو لي أن هذه المؤسسة ليست مؤسسة فكرية علمية، بل هي مؤسسة سياسية جمعت الإسلاميين المعارضين لسلطة دولهم، وهي غطاء شرعي لكي يقوموا بتغيير الأنظمة الحاكمة في بلادهم.
Top