• Monday, 27 May 2024
logo

حوار مشروط ومقاطعة عاقر

حوار مشروط ومقاطعة عاقر
فاضل ميراني

انفقنا الاربع عشرة سنة الماضية في ترتيب الدستور ومواجهة التحديات الامنية المصيرية وخوض معارك وجود واعادة ثقة داخلية واقليمية ودولية، قبلها ولاثنتي عشرة سنة ادرنا المناطق التي حررتها انتفاضة شعبنا العراقي والكردستاني، وكانت تجربة صعبة لكنها منتجة يذكرها رجالات من المعارضة العراقية واخوة لنا في الوطن الاكبر ممن شاهدونا مناضلين وعايشونا مسؤولين عن مرافق اقليم حطمت سياسة الانتحار الشمولي بناه التحتية، وقبل العام1991 ولسنوات كانت مدرسة المعارضة العراقية ومنها الكردية تنتج خطابا متغيرا الالفاظ ثابت الاهداف، يتلخص بضرورة بناء عراق مزدهر بعيد عن كل اشكال ماكنا نعيشه من واقع مر يؤدي الى مستقبل خاسر.
لم تبرز ابدا ظواهر من معارضين تقول بأن عقدة السلطة متأصلة في افرادها، بحيث يساورنا شك في امكانية ان يعاد فعل الماضي الذي راكم الفقر والدماء ليتجسد مع اول مبادرات التفرد بالسلطة والتي حدثت قبل بضع سنوات.
لا ابوح بسر ان قلت، اننا كنا ندخل على خط افتعال الازمات لنهدأ منها، فالمزاجية في القرار الرسمي قد تصيب من ليس اهلا بالكامل لقيادة العراق الذي يعيش وضعا تبدليا في اعلى مراتبه، وكنا نتصرف بعناية فائقة، لانه من المعيب ان تسجل بحقنا كفريق سياسي يدعي الوعي والحزبية السليمة، مخالفات تمس ركنا جوهريا من اركان العقد الدستوري للعراق الجديد. في مسيرة الاعوام الاربعة عشر هذه، تعرضنا واكتشفنا ما لا يحصى ولا يتوقع من تحول في الاداء، بدءا من تحول الحزبية لوظيفة اثراء، وتناغم خفي بين الاضداد يخالف النظام العام الذي لايجوز قانونا الاتفاق على مخالفته، وكأن حزمة العقوبات الاخيرة على كردستان جاءت كملخص كبير هذه المرة ليرتمي بالاجمع علينا بعد ان كنا نبتلى به بشكل قرارات فردية متباعدة.!
في خطاب القاه رئيس الحزب السيد مسعود بارزاني بعيد العقوبات التي تلت الاستفتاء قال” القضية قضية منهج” ويقصد اسلوب التفكير لسياسيين متنفذين في العراق، اشارة منه الى تشابه اداءين من نظامين سابق وحالي، وهذا امر يضع امام المتابع للشأن العراقي حقيقة تفوق مرارتها مرارة الماضي، وهي ان رفع شعارات زاهية كبيرة قد تحول صاحبها الى اسير يفنى دون تحقيق شيء منها، فكيف ان كان رافع الشعار لا يؤمن الا بما تهوى نفسه من فرض واقع يساعده فيه موقعه لا اكثر، وكيف ان كانت ممارساته وافعاله هي لون مقارب للون صبغ ارضنا بالدماء؟
بحكم خبرتنا نفهم مايرمي اليه الاخر من تأخير لبدء حوار، اجندته الحزبية بحاجة لاوراق تستثمر سياسيا، ولكني اعتقد ان في ذلك مخاطرة، قد لاتراها عين مكتحلة بالمنصب، فالمناصب ليست دائمة المواسم، والتاريخ متخم بأمثلة قريبة العهد ومن داخل العراق بما نقول.
الحوار المشروط ينتج اثارا قد تفضي لتضعضع طاولة الحوار، فالشأن السياسي لا يدفع ثمنه شعب، بل الاحرى ان يعيش الشعب الذي قدم قيادة وهذه القيادة كانت ركيزة مجيء الحزبي المرشح ليكون مسؤولا تنفيذيا يمثل الامة العراقية بشعوبها، ولا داعي للتذكير، ان العراق كبير بشعبه وايضا بكل ميزاته وثرواته البشرية واحزابه من ثرواته العقائدية  ويجب ان لا تكون هي اولا ثم العراق.
علمتنا الحياة ان المسار يتطلب معرفة بالطريق وان ما يحاط اليوم بحصانة قد لا يتمتع بها في غد سياسي، فدوام الحال محال عملية تقزيم الاخرين ممارسة شنعاء غير مثمرة وقد تنقلب على الفاعل بما لا قبل له بها، وانفراد القرار لمجرد تنفيذ رؤية لم تختبر، مكانها غير مكان الشعب ومقدراته واستحقاقاته، ولست ممن يحبون قولة من كان بيته من زجاج فلا يرمي الاخرين بحجر، بل اقول ان رمي الاحجار لمجرد الرمي ظاهرة مرضية تعكس عندم انضباط صاحبها.
الحوار و الدفوعات التي تقدم فيه تمس حياة الناس قبل حياة الاحزاب، غير ذلك فلا اوضاع الناس تحمل تعمد الضغط ولا صيغ الفرض مقبولة ولا العراق يستحق هذا الدوار.
صحيفة الزمان طبعة العراق
Top