• Friday, 03 May 2024
logo

نهضة بعد كبوة...!

نهضة بعد كبوة...!
نهضة بعد كبوة...!


بعد الأحداث الأخيرة التي تلت الاستفتاء، لم تجنِ الإقليم ثمار تضحياتها في كسر أسطورة داعش من قبل الدول العالمية والإقليميّة؛ بل الأمرّ من ذلك وعلى المرأى العالمي دخلت القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي -بمساعدة الدول الإقليميّة؛ وباستخدام الأسلحة الأمريكيّة- إلى المناطق المتنازع عليها، وهذا ما يخالف المادة التاسعة بفقراتها من النص الدستوري العراقي؛ سيما فقرة (أ)، الذي ما نصّه: "تتكوّن القوّات المسلّحة العراقيّة والأجهزة الأمنيّة من مكوّنات الشعب العراقي؛ بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز وإقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنيّة وتدافع عن العراق، ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخّل في الشؤون السياسيّة ولا دور لها في تداول السلطة"؛ بيد أنّ الحكومة المركزية لم تتعامل في هذه المناطق كقوة عراقية للجميع؛ بل كمنتصر للحرب...! هذا، وأنّ اختيار المصطلح لهذا الحرب من قبل رئيس الوزراء العراقي كان تحت مسمّى (فرض القانون) ولكأنّ هذه المناطق تحت قبضة داعش، ولا قانون فيها؛ متجاهلاً دور البيشمركة على الحفاظ لهذه المناطق من التخريب والدمار الداعشي على شاكلة الموصل وتكريت والأنبار؛ فهكذا كان ردّ جميلهم مع الكورد ومع هذه القوّات الباسلة حسب قولهم في أيّام هوانهم...! ومع انّ الحديث يطول في هذا المقام؛ إلا أننا نركز على الجانب الاقتصادي، فقد سيطرت تلك القوات على جميع حقول النفط والمنافذ الحدوديّة متجاهلاً الدستور على أنّ تلك المناطق تدار بإدارة مشتركة من قبل المركز والإقليم. ومن هنا، تأثّرت عائدات كوردستان، وتراجعت إلى أقل من نصف تلك التي كانت تجتنيه، وهذا ما انعكست سلباً على ميزانيّة الإقليم، وذلك بعد استقطاع ميزانيّة الإقليم بالكامل من قبل المركز وغلق المطارات وتلك المنافذ التي تمكّنوا من غلقها؛ لتخنق كوردستان وتعاقب شعبها عقوبة جماعية؛ لذا نرى الآن جهود حكومة الإقليم من خلال مشروعهم بالتشاور مع البرلمان، يبادرون العمل بحزمة إصلاحات اقتصادية؛ قصد تعويض ما فاتتها من العائدات الماليّة وإعادة هيكلة الحكومة الكوردية وترشيقها، ومن ثم اتجاهها نحو شفافية أكثر، ولعلّ أبرز تلك الإصلاحات المزمعة إجراؤها: - جعل شركة ديلوت العالميّة مراقبة لجميع عائدات وواردات نفط الإقليم، وبشكل شفاف، وتجيب عن جميع التساؤلات المطروحة في هذا المجال؛ فإذا ما باشرت هذه الشركة مهمّتها؛ وقتها ستكون صدى الحكومة في لغة الشفافيّة آذاناً أكثر من قبل الدول العالميّة. - إزالة الفضائيّين في جميع القطاعات الحكوميّة، وإعادة النظر في المتقاعدين الذين تقاعدوا بشكل غير قانوني بتنوّعاته، الذين أثقلوا كاهل الحكومة كثيراً؛ فرغم تقليص هذه الأعداد من قبل آلية بايومتر لكيلا يأخذ الموظفون أكثر من راتب؛ إلا أنّ هذا العمل وحسب ما يريده الشارع الكوردي بحاجة إلى تدقيق ودراسة أكثر؛ ووقتها سترجع أموالاً طائلة إلى خزينة الأقليم ، وأنّ الموظّفين الفعليّين هم من سيستحقّون الرواتب؛ وإذا ما ترجمت هذه الفقرة الجوهرية في أرض الواقع ستعيد الثقة من جديد بين الشعب والحكومة، وتزيد من آصرة التواشج والتلاحم بينهما؛ وتبعد دائرة الفساد الذي دوما كانت نقطة ضعف الإقليم، وأصبحت بوقاً لدى حكومة المركز؛ رغم أنّ بيوتهم في هذا الشأن من زجاج ويرمون كوردستان بالحجر...! - إن إصرار حكومة الإقليم لاحترام قانون المحكمة الدستورية بوحدة العراق وإعلان وقف النار بجميع ألوانها، وأنّ الحلّ الوحيد يجب أن يكون وفق الدستور العراقي هو خطوة بالاتجاه الصحيح من قبل الدول العظمى؛ لذلك نرى أنّ هذه الخطوات آتت أكلها من خلال ترحيب ماكرون رئيس وزراء الإقليم بترحيب رئاسي، ثم تلتها أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية؛ فضلا عن الدعوة الرسمية لبريطانيا من قبل تيريزا ماي رئيس وزراء بريطانيا؛ فكل هذه الاستضافات إن دلّت على شيء يدلّ على أن هذه الدول لا يبقون متفرّجين أمام سياسات الحكومة المركزية نحو مماطلة الحوار واللعب بورقة الكورد كورقة دعائية انتخابية مسبقة. وبقي أن نقول: لو ترجمت حكومة الإقليم هذه الإصلاحات في أرض الواقع بشفافيّة؛ سينهض الإقليم ثانية وبقوة؛ سواء أكان ذلك على المستوى الداخلي لإعادة الثقة والتآصر الجماهيري، وهذا ما يجعلهم يشعرون بالمواطنة الحقيقيّة وأن القانون فوق الجميع، ولحظتها الجبهة الموحّدة الداخليّة ستكون أكبر سلطة وورقة ضغط لحكومة المركز، الذين طالما يلعبون بورقة الخلافات الداخلية ويحاولون شرخها وزعزعزتها. أو على المستوى الدولي، وهذا ما يزيد ثقل الإقليم أكثر من خلال توحيد كلمتها الداخلية؛ فضلاً عن ترجمة الإصلاحات بجرأة شابة طموحة؛ وهذا ما يريدونه ويصرّحونه في خطاباتهم الرسميّة حينما يقولون نريد حكومة إقليم قويّة؛ وحينها تجبر السلطة الاتحادية أكثر نحو الجنوح لتطبيق الدستور؛ فالعراق حتّى الآن تحت وصايا الدول العظمى والإقليميّة؛ لهذا لا تستطيع تجاوز لغاتهم كثيراً... نعم، فإن نهوض الإقليم -لا محالة- بعد هذه الكبوة التي أصابتها مرهونة بترجمة هذه الإصلاحات من خلال الجرأة السياسيةّ لرئاسة الحكومة الحاليّة، ولا يبالون في تطبيقها لومة لائم...وإنّ غداً لناظره لقريب...
Top