• Friday, 03 May 2024
logo

حرق ورقة الحصار الدبلوماسي ...!

حرق ورقة الحصار الدبلوماسي ...!
إنّ الحصار الدبلوماسي الذي رسم دولة رئيس الوزراء العراقي خارطته جرّاء غلق المطارات الدولي في الإقليم لتخنق كوردستان دوليّا، وتعاقب الشعب الكوردستاني خلاله جماعيّاً؛ لم يعزل كوردستان بتاتاً من قبل الدول العظمى رغم خلق بغداد لتلك الدول المشاكل في زيارة أربيل حال مجيئهم للعراق؛ بل جاءت الرياح بما لا تشتهي سياسة العراق؛ فلم يمنع الحصار الدبلوماسي من دعوة رئيس وزراء الإقليم للدول العظمى؛ وأنّ الزيارات الرسميّة واستقبال الرؤساء له يزيد يوماً بعد يوم.
نعم، فقد كانت بريطانيا، هي الدولة الثانية التي تبادر بدعوة رئيس وزراء إقليم كوردستان، نيجيرفان البارزاني لزيارتها رسمياً، من بين الدول العظمى، بعد دعوة مماثلة وجهتها فرنسا وقوبلت بالتلبية من قبل إقليم كوردستان. وخلال اتصال هاتفي أكدت تيريزا ماي مع البارزاني دعم بلادها لإقليم كوردستان بالقول: إن "بريطانيا ستواصل النضال من أجل حماية حقوق وهوية الشعب الكوردي في إطار الدستور ووحدة الأراضي العراقية".
فدعوة تيريزا ماي لم تأتِ من فراغ بل كانت نتيجة جهود دبلوماسيّة لحكومة الإقليم لاستقطاب القوى الدولية؛ قصد وضع حدّ لغرور حكومة بغداد؛ هذا وبالإضافة إلى أنّ هذه الزيارة جاءت انعكاساً للضغوط الداخلية التي مارسها أعضاء مجلسي اللوردات والعموم (البرلمان البريطاني) ضد السياسة الخارجية لبلادهم واصفين إياها: بأنها منحازة إلى بغداد وتلتزم الصمت حيال الخروقات المرتكبة ضد الكورد، وهذا ما يتضح جليّاً في قول (اللورد توم) المنتمي للحزب الحاكم، لشبكة روداو الأخبارية حينما قال: "كالعادة سنواصل ضغوطنا على الحكومة من أجل دعم مطالب الكورد وحقوقهم، وهناك العديد من الأسئلة الدبلوماسية التي تحتاج إلى إجابة، وما قامت به تيريزا ماي بدعوة رئيس حكومة إقليم كوردستان إلى زيارة لندن، فكرة جيدة جداً، ونحن نؤمن بالحوار والتفاوض بين أناس يدعون إلى السلام والاستقرار وتجنب التصعيد".
كما وأنّ زيارة رئيس حكومة الإقليم يوم الاثنين الماضي في 18-12-2017، إلى العاصمة الألمانية برلين، على رأس وفد رفيع للقاء المستشارة أنجيلا ميركل وعدد من كبار المسؤولين الألمان، تلبية لدعوة رسمية تعد انتصاراً دبلوماسيّاً آخر للحكومة الكوردستانيّة.
هذا، وخلال لقاء جمع بين رئيس وزاراء الإقليم ووزير الخارجية الألماني، ونائب إنجيلا ميركل ( زيغمار غابرييل)، دعا الثاني الحكومة العراقية إلى الحوار مع إقليم كوردستان، مشيراً إلى أن أربيل تسعى لحل المشاكل مع بغداد" ؛ بل وقال بصيغة اللزوم: " ويجب ترطيب العلاقات بين الجانبين"؛ والأكثر من هذا، أنّه قد قال بصريح العبارة: إنّ مواصلة المساعدات الألمانية مع العراق مرهونة بتطبيع علاقات بغداد مع أربيل"؛ وإلا لن تجد الحكومة العراقية النور في التدريب الألماني ومساعداتها الماليّة واللوجستية الكثيرة التي سلّمتها العراق من ألمانيا خلال حربها مع داعش.
نعم، فقد كانت للأسلحة الألمانية لغة الفصل في وضع حدّ لانفجارات داعش من خلال أسلحة ميلانو؛ بل بإمكاننا القول: إنّه غيّر موازين الهجوم بين الداعش والقوات العراقيّة ولا سيّما مع البيشمركة.
هذا، ورغم الإجراءات العقابية الجماعية التي اتخذتها الحكومة العراقية تجاه الإقليم؛ لم يمنع البرلمان الألماني من مواصلة مهمة الجيش الألماني في تدريب قوات البيشمركة في إقليم كوردستان، إذ يتمركز حالياً من أجل هذه المهمة، 150 جنديا ألمانيا بالإقليم. فقد صوّت لصالح تمديد هذه المهمة، 435 نائباً، وعارضه 196 نائبا، وامتنع عن التصويت 35، من أصل النواب الـ 666 الحاضرين.
وقد لقيت هذه المؤازرات الألمانيّة ترحيباً عالياً من قبل حكومة الإقليم شعباً ورئيساً؛ وهذا ما اشاد نيجيرفان البارزاني بدور ألمانيا في اللقاء الصحفي المشترك مع وزير خارجية الألمان: "لن ننسى المساعدات التي قدمتها ألمانيا لإقليم كوردستان". مضيفاً "نوجه شكرنا إلى البرلمان الألماني لتمديده على بقاء القوات الألمانية في إقليم كوردستان".
هذا، وقد اتبعت الحكومية النرويجية نهج الألمان نفسه في دعم حكومة الإقليم وطلاق دعوة رسميّة لرئيسه؛ كما وحذّرت الحكومة العراقية من أنّ التأخير في الحوار مع الإقليم ستعيد أوراق دولتها للتعامل مع العراق.
ومن هنا، فالعراق حتى الآن تحت وصاية دوليّة وإقليميّة، فحيدر العبادي لا يستطيع تجاهل لغات الدول العظمى كثيراً؛ لأنها مقبلة على الانتخابات وستخلق لها مشاكل داخليّة في مواجهة داعش. وإذا ما استمرّ بهذه اللغة سيفقد الدعم الدولي؛ فضلاً عن زوال بدره رئاسته لولاية ثانية؛ فهذه التصرّفات لا يقبل منه حتى داخل البيت الشيعي، وهذا ما يتضح جليّا في خطابات المالكي الإيجابية الأخيرة تجاه الإقليم.
وفي خاتمة الكلام:
إنّ ما يفرض بالقوة يؤخذ بالقوّة أيضاً، فما يفعله رئيس الوزراء العراقي من تجاوزات على الدستور العراقي بحجة فرض القانون سينعكس عليه سلباً؛ ولا يزيد الطين إلّا بلَة في الشارع العراقي. وفي هذا السياق، لا يحسب كرجل الدولة من قبل الدول العظمى، وهم لن يبقوا متفرّجين أكثر من ذلك؛ بل وحتّى أنّ لغة التاريخ في العراق يقول لنا: إن الورقة الكوردية خطيرة مهما كانت حنكتهم، فلينظر سيادة رئيس الوزراء إلى صاحب اتفاقية الجزائر وسلفيه إبراهيم الجعفري ونوري المالكي، وحينها ترسم لوحتها المستقبليّة...!
Top