• Friday, 26 April 2024
logo

عفرين في مواجه تاريخها

عفرين في مواجه تاريخها
تعيش عفرين، كرداغ في الارشيف العثماني والفرنسي، و"جياي كورمينج" حسب أهلها، و"جبل الاكراد" معروف جغرافيا في سوريا، وعفرين هو الاسم الرسمي للبلاد في السجلات السورية، تعيش في مرحلة صعبة، ولعل صعوبة المرحلة مرهون بعودة الاتراك مرة أخرى لفتح نافذة الصراع حولها، ولكن هذه المرة مع أهلها وليس مع قوى دولية أو اقليميّة أخرى.
وقد يكون هذا التحدي صعب بنسبة لأهل عفرين، في ظل غياب الخيارات، والغدر من قبل بعض الدول، الا انّ خيار الصمود بدا لعفرينيين لا بد منها.
عفرين هي مدينة كرديّة مهمة جدا، فهي تلاصق جبال امانوس، وهو جبل مطل على البحر الابيض المتوسط، كما انها (عفرين) تربط المناطق الكردية بكل الكرد الذين هم في الداخل. لا احد يدعم العفرينيين من الدول في هذه الايام. حتى النظام السوري خذل أهل عفرين. هناك رهان واحد فقط، وهو ان المنطق يقول ان الامريكان سيتدخلون في نهاية المطاف، لان المنطق الطبيعي للتطورات السوريّة يقول، بانه من غير معقول اطلاق يد الاسلاميين في كل شمال سوريا، لكن انتظار لحظة تدخل الامريكان ومعهم الاوربيين ربما يطول أكثر مما نتصور.
استطرداً، انه من الاهمية بمكان العودة الى المكانة التاريخيّة لعفرين، فهي مدينة تم فصلها عن الجانب التركيّ، وخاصة قضاء كلس الذي حوله الاتراك مؤخراً إلى "ولايّة كلس" بعدد سكانه الـ(114) ألفاً، الأمر الذي عزا الكثيرون بالغزو التركي لاستعادة عفرين من سوريا وضمها إلي ولاية كلس.
يوم ١٤ حزيران ١٩٢٧ وضعت عفرين تحت سلطة دوائر المركزيّة الفرنسيّة، وكون اللغة الكُرديّة هي لغة طرفي الحدود، فقد قاموا بفرض اللغتين العربيّة والتركيّة فيها على حساب لغة أهلها الكرديّة، مع اعتراف واضح من قبل الارشيف الفرنسي بانّ عفرين هي مدينة كُرديّة بديانتيه الاسلام السنيّ والايزيديّة منذ عدة قرون على الأقل، بل كُرديّاً خالصاً.
حسب الأرشيف الفرنسي، كانت كُرداغ لواء (سنجقاً) كُرديّاً ضريبيّاً مستقلاً تحت الادارة العثمانيّة، يخضع لسطات كلس لكنه عسكريّاً يخضع لحلب، وسرعان ما رقيّت مكانة عفرين في المنظومة الاداريّة العثمانيّة في القرن الثامن عشر إلى مقاطعة يمثلها لدى السلطات العثمانيّة حاكم محلي. وكانت عائلة جانبولات قد حكمته عبر أجيال عدة قبل أن يغدو علي جانبولات حاكماً على حلب.
وبالرغم من ان الفرنسيين دخلوا في مواجهة مع اللجنة الوطنيّة السورية المقيمة بعنتاب، والتي سمّتها فرنسا بـ(عصابات الجبل)، وتواصل هذه اللجنة مع ابراهيم هنانو (كردي من حارم في ريف ادلب) الذي كان يستقوي بأهل عفرين عند مواجهة الفرنسيين، الا انّ الفرنسيين استمروا في استحداث عفرين اداريّاً وبنوا مركز القضاء الجديد، وفي غضون عامين اي من ١٩٢٥ -١٩٢٧ كان قد غدا في المدينة سرايا حكومي ومخفر للدرك وسوق تجاري، يقال ان عدد سكان مدينة عفرين في ذاك الوقت كان ٨٠٠ نسمة .
تجدر الاشارة ان عدد سكان مدينة عفرين في عام ١٩٥٧ بلغ ٤٥٠٠ نسمة وارتفع في عام ١٩٦٠ الى ٥٧٣٠ نسمة (كتاب التكوّن التاريخيّ الحديث للجزيرة السوريّة، محمد جمال باروت، ص ٣٨٠).
بقي أن نقول انّ عفرين (كُرداغ) تعيد بها التاريخ لتصبح ضحيّة من ضحايا الحدود واطماع القوى الاقليميّة، في ظل أحقيّة الكرد لرسم مسار مستقبلهم كيفما شاؤوا، ولعل السبب في هذه المرة لا تقف في حدود ضم عفرين، بقدر ما يريد الاتراك ضم عفرين، لأنهم بذلك يقطعون الطريق أمام الكرد للوصول الى ساحل البحر الابيض المتوسط. هكذا يتصوره الاتراك وقالوا ذلك لمرات عديدة من على المنابر الاعلاميّة. ما يعني انّ أم السبب الذي يدفع بالاتراك للهجوم على عفرين هو لبعد استراتيجيّ ولقصم ظهر الكُرد إلى الابد هذه المرّة.
Top