• Friday, 26 April 2024
logo

المجتمع المدني :

المجتمع المدني :
وماإن انتهى مؤتمر بروكسيل الذي عُقد لبحث مستقبل سوريا، حتى قامت القيامة من قبل نشطاء يعتبرون أنفسهم من حيّز الثورة، ولعل السبب يعود إلى أنّ عدداً من المنظمات التي شاركت فعاليات المؤتمر ، خرجت برؤية سموها رسالة الى الجلسة الوزارية في يوم 25 من الشهر الجاري . فيلحظة إنّ الحاضرون في المؤتمر من المجتمع المدني السوري تنفّسوا الصعداء لأنّه وبالرغم من انتمائاتهم المختلفة حيث هناك من أتى من منطقة النظام وهناك من منطقة المعارضة وهناك من الحيّز الكُردي. واعتبر الحاضرون بأنّهم للتو وضعوا اللبنة الأولى لبناء التوافقات في المشهد
السوري، في الوقت الذي يعجز النظام والمعارضة عن صياغة خطاب من خمس كلمات توجه للعالم فإنّ المجتمع المدني السوري الذي حضر فعاليات بروكسيل طبعاً استطاع أن ينجز توافق على أهم التحديات المرحلة واحتياجاتها ومآلاتها. حيث الكل وقفوا ضد احتلال مناطق من سوريا وطالبوا
بانسحاب كل الأطراف من سوريا، وكما أنّ العدالة الإنتقالية وتطبيقها بالروحية الوطنية لا الإنتقامية ممر لإحلال السلام إلى ذلك مثل فك الحصارالإقتصادي على مجال التعليم والصحة وما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية واعتبار القرار الأُممي 2254 هو مقاس الحل وليس مكان
الآخر.
فيالحقيقة كان المجتمع المدني في حالة مفاوضات شاقة وكونه من بيئاتٍ مختلفة فإنّ ذلك أثار حساسيات جمة، فمثلا من يعتبر الحصار الإقتصادي وسيلة لأحداث التغييربينما لدى الآخر الحصار الإقتصادي تدمير لحياة الناس.
وكونكاتب السطور كان جزء من الحاضرين، فان الوضع كان صعباً جداً، ليس سهلاً أن تُدوّن فقرة أو فقرات التي تشغل بال ناسنا مثل الإعتراف بشهادات الطلبة الذين هم في خارج سيطرة النظام، وأيضاً قد تجد من الصعوبة أن تقنع زميلك المقابل والآتي من تركيا إن وجود تركيا في عفرين
يخلْق توتراً وفتناً بين المكونات في الشمال السوري والذي هو حاضنة للتعددية والتنوع المجتمعي. كمان أنّه من الصعوبة بمكان أن تضع الكل أمام المحك أن سوريا ناسها أفراداً ومكونات.
فيالحقيقة أنّ المجتمع المدني السوري بدأ للتو اختراق الجدران الذي بنته وحمته المعارضة والنظام معاً، فالإنطلاق بالمسؤولية تجاه الناس والتفكر بحالهم قد تزعج السقف السياسي من الحيزين المعارضة والنظام.

ولانستغرب أنّه ما زال البعض يعتقد أنّهم افتعلوا مجتمع مدني أداة بيد المعارضة ولذلك نراهم الْيَوْمَ يشاكسون أنفسهم ومن حضر بروكسيل.
ثمةمن يرى بأن المعادلة "علينا أن نكون منتصرين"هي المعادلة التي تشغل هم الكل بيد أنّه أدى بالمجتمع المدني لأمر آخر هو أنّ الكل يخسر والمنتصر الوحيد هو تجاوز الشقاق والخوض في معركة بناء توافقات لأجل أن يكون مستقبل البلد واضحاً. لا يمكن أن تصبح سوريا كما تريد المعارضة
ولا كما يريد النظام. فسوريا المستقبل هو من تصنعها التوافقات بين المكونات المجتمعية والسياسية.
ولعلالأيمان بآلية التوافقات هو تأسيس الثقافة المختلفة على النمطية السائدة. في المجتمع المتنوع والمتعدد لا يمكن فرض رأي على الآخر . هو فرض كل الاّراء على المشهد للخروج برأي يعبر عن جميع البيئات والمكونات أو لنقل الجماعات فهي مفردة لها محدداتها المعرفية ومصدرهاعلم اجتماع سياسي على عكس المكونات والتي أبدعتها الخطاب السياسي اللحظي.
والحقأنّنا في بروكسيل أسسنا لعدد من الخطوات:
أولها: بلورنا ثقافة صياغة التوافقات.
ثانيها: استطعنا اختراق تابوهات المعارضة والنظام وركزنا على حال الناس ورؤاهم وتطلعاتهم.
ثالثها:بينا للكل أنّه بوسع المجتمع المدني السوري أن يوجه خطاب موحد إلى المحفل الدّولي، وهذا يعود الفضل إلى الإحساس بمسؤولية الفاعلون تجاه قضايا الناس لا ترهات بعض من الحيّز سواء أكانت المعارضة او النظام.
رابعها:تعاملنا مع قضايانا مثل احتلال أراضي سوريا سواء أكانت تركيا او إسرائيل أو مجال التعليم كاعتراف بشهادات الطلاب الذين هم خارج إطار النظام هو تعامل مسؤول واستجابة لاستحقاقات المرحلة.
بقيالقول: في بروكسيل لم يضع المجتمع المدني واقع الحال أمام الأوربيين والأمم المتحدة فحسب إنما في بروكسيل تم إنجاز اللبنة الأولى لبلورة واقع المجتمع المدني المسؤول عن قضايا الناس وفرض مسارات للسياسة بحيث تكون قريبة عن الواقعية وبعيدة عن النرجسية مصبوغة بريح الدم.
وحكمة المقال تفيد" من يؤسس بيتاً من فضة يستطيع أن يحولها إلى قصرٍ من ذهب"!"
Top