• Friday, 26 April 2024
logo

الروهينغا The Rohingya

الروهينغا  The Rohingya
من يتحدث عن بورما أو ميانمار تلك الدولة التي تقع في جنوب شرق آسيا، لا بد أن يتحدث عن الروهينغا The Rohingya وهم أقلية عرقية مسلمة تعيش في ولاية أراكان أو (راخين) غرب بورما، وصل الإسلام الى هذه المنطقة وأكثر مناطق جنوب شرق آسيا عن طريق التجار المسلمين، فقد كانت أراكان مملكة مستقلة للمسلمين بين عامي(1430-1783) وبمرور الزمن هاجر المسلمون من دول الجوار من الهند وباكستان وبنجلاديش إليها، وكذلك قام الاحتلال البريطاني بنقل البنغالين الى بورما من أجل العمل والخدمة، فاستقروا في أراكان ذات الأغلبية المسلمة، لأن فيها بوذيين يعرفون براخان وهندوس، فتعاملت الحكومات الميانمارية المتعاقبة مع الجميع بطريقة واحدة، واتخذت وجود هؤلاء المهاجرين والعمال ذريعة للقضاء عل وجود المسلمين، وهي تدرك جيدا أن وجود المسلمين في بورما وخاصة في أراكان وجود تاريخي أصيل، فهم من أبناء المنطقة الأصلاء، ولكن ساسة البلد ورهبان البوذية يرون أن وجود المسلمين يهدد وجود البوذية في عموم ميانمار، وفي عهد الملك البوذي(بوداوبايا 1782-1819) تعرض المسلمون الى اضطهاد قاس، حيث تم تدمير المساجد وكل ما له صلة بالإسلام، لكي تبقى هذه الولاية خالية من المسلمين، وتم القبض على أربعة من أشهر علماء المسلمين في بورما، وتم قتلهم بعد رفضهم أكل لحم الخنزير، وسبق أن تعرضوا لحملات تطهير عرقي وديني ولكن ليس بهذه الصورة الممنهجة، ففي عهد الملك البوذي باينتوانغ تعرض المسلمون في ولاية باجو ما بين عامي(1550-1589) الى الاضطهاد، وتم في سنة 1559 منع الاحتفال بعيد الأضحى، وذبح الأضاحي وممارسة الذبح الحلال، وأجبرهم على الاستماع الى المحاضرات البوذية لتغيير دينهم، في سنة 1924 احتلت بريطانيا بورما، وبقيت تحت سيطرتها حتى عام 1885، لتصبح بورما جزءا من حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، في سنة 1937 استقلت بورما عن الهند البريطانية بعد إجراء الإستفتاء، لتصبح مستعمرة مستقلة وعاصمتها يانغون Yangon في سنة 1941 قاد الرفاق الثلاثون من بورما بدعم ياباني ثورة ضد الاحتلال البريطاني، وعادوا مع اليابانيين لطرد بريطانيا، وانقسم البورميون بين مؤيد لليابان ومؤيد لبريطانيا، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 عادت بريطانيا بعد انتصار الحلفاء لتحتل بورما من جديد، ومما زاد من عداء البوذيين للروهينغا أن بريطانيا استعملتهم ضد اليابانيين الذين كانوا أصدقاء البوذيين، لأن البوذيين ينظرون الى بريطانيا كعدو حقيقي لأنها قضت على دولتهم التاريخية المعروفة بدولة الكونباونغ البورمية، وقد حاول الروهينغا بحكم علاقتهم وموقعهم عند بريطانيا الاستقلال، حيث بدأوا بالتمرد سنة 1947، وقد تأثروا أيضا باستقلال باكستان عن الهند في السنة نفسها، إلا أن بورما نالت استقلالها من الاحتلال البريطاني سنة 1948، , وأصبح (ساو شوي ثايك) Sao Shwe Thaikأول رئيس للبلاد، حيث حكم ما بين عامي(1948-1952) ليقضى بعد ذلك على جميع الحركات الإنفصالية، ثم طالب الروهينغا سنة 1954 بالاستقلال واستمروا حتى سنة 1961 ليعلنوا التمرد مرة ثانية من أجل الاستقلال، وفي ولاية كاشين ذات الأغلبية المسيحية تمرد أهلها من أجل الاستقلال في السنة نفسها، فمحاولات الروهينغا المسلمين والكاشين المسيحيين Kachin هي التخلص من بطش الحكومة البوذية، لأنها كانت تريد (بَوْذَنةَ الدولة) أي جعل الدولة بكامل أراضيها بوذية محضة، ولهذا قضت الدولة على محاولات الاستقلال، في سنة 1962 قاد الجنرال (ني وين) Ne Win انقلابا عسكريا في البلاد، وقاد البلد باسم مجلس الدولة للسلام والتنمية، ثم حول النظام سنة 1974 الى نظام جمهوري اشتراكي ليكون رئيسا للبلاد، حكم ما بين عامي(1962-1981)، وفي سنة 1989 تم تغيير اسم بورما Burma الى ميانمار Myanmar وعاصمتها نايبيداو Naypydaw قام ساومانج Saw Maung بانقلاب ثان في 18 سبتمر 1988، فأسس مجلس استعادة النظام وقانون الدولة، ولهذا لم يسمح للمعارضة الشهيرة أونغ سان سو تشي Auung San Suu Kye – الحاصلة على جائزة نوبل للسلام- زعيمة الرابطة الوطنية للديمقراطية National League for Democracy بتشكيل الحكومة ورئاستها عندما فازت في انتخابات 1990، فظل الجنرال العسكري يحكم البلاد بالقوة حتى سنة 1997، ثم غير اسمه الى مجلس الدولة للسلام والتنمية، ووضع سوتشي تحت الإقامة الجبرية لمدة 15 سنة، بقي العسكر يحكمون البلاد حتى سنة 2011 ثم تحول الحكم العسكري الى حكم مدني، ليصبح تهاين زاين U Thein Sein أول رئيس مدني منتخب، حكم البلاد حتى عام 2016، في انتخابات 2015 فازت زعيمة الرابطة الوطنية للديمقراطية أونغ سان سوتشي في الانتخابات، لكنها لم تستطع أن تصبح رئيسة للوزراء لأنها متزوجة من أجنبي، والدستور لا يسمح بذلك، لهذا انتخب البرلمان الميانماري هتين كياو Htin Kyaw ليكن رئيسا للبلاد، وهو مع كونه رئيسا لكنه لن يخرج من قبضة سوتشي، ونالت سوتشي حقبة الخارجية وأصبحت مسشارة للرئيس، في سنة 2018 تقاعد الرئيس هتين كياو، فرشحت زعيمة الحزب سوتشي وين ميانت Win Myint رئيسا للبلاد.
فيما يخص الروهينغا فقد كان وضعهم أفضل قبل الاستقلال، لأن جميع الحكومات الميانمارية مارست الاضطهاد بدرجات متفاوتة، وصلت الى التطهير العرقي، ففي المؤتمر الوطني المنعقد قبل الاستقلال تم إقرار عرقية الروهينغا، وفتح إذاعة لهم باللغة الروهينغية، وتم إثبات اسم الروهينغا في مستندات الدولة، وكانت هناك رابطة للطلاب الروهينغا في جامعة رانغون، وكان في الجمعية التأسيسية لبورما سنة 1947 عضوان من الروهينغا، وفي انتخابات 1951 تم انتخاب خمسة من الروهينغا الى البرلمان البورمي، وفي سنة 1956 تم انتخاب ستة من الروهينغا، وأصبح السلطان محمود وهو سياسي سابق في عهد الهند البريطانية وزيرا للصحة في الحكومة البورمية، ولكن بمرور الزمن كانت الحكومة البورمية تحاول التركيز على الروهينغا من أجل القصاء عليهم بأي صورة، وكان رهبان البوذية متأثرين جدا ببوذية تايلاند وسريلانكا المتطرفة، ولهذا كانوا يشجعون حكوماتهم باستمرار أن وجود الروهينغا المسلمين خطر يهدد وجود البوذية، ولهذا بقي الروهينغا مستمرين في الدفاع عن أنفسهم بكل الطرق السلمية والحربية، لأن الأمر قد وصل الى مراحل خطيرة، ولهذا حتى محاولاتهم الانفصالية كانت هروبا من جحيم الأنظمة القمعية البورمية، ولربما كان النظام العسكري قاسيا مع الجميع وحتى مع رهبان البوذية في فترة من الفترات، ولكن حتى الذي عانوا من النظام العسكري ونالوا جائزة نوبل للسلام كالزعيمة المعارضة سوتشي لم تفعل شيئا للروهينغا عندما تسلمت السلطة سنة 2016، وحتى قبله أول رئيس متخب مدني وهو تهاين زاين U Thein Sein الذي حكم من عام 2011 وحتى عام 2016، لم يفعل شيئا بل في عهده وخاصة سنة 2012 أصبح الاضطهاد ممنهجا، بل أونغ سان سوتشي استمرت في اضطهاد الروهينغا على طريقة من سبقها، ولهذا ظهر في هذه السنة جيش إنقاذ روهينغا أراكان ARSA بعد الاضطهاد الذي مارسته حكومة ميانمار، ومما أشعل فتيل الحرب ما قام به مجموعة بوذية متطرفة من قتل عشرة من علماء الروهينغا المسلمين أثناء عودتهم من العمرة، ثم قامت الحكومة بحرب شاملة على ولاية أراكان، ووقعت عمليات القتل والخطف والاغتصاب والحرق وتدمير البيوت ومصادرة الأموال، فكان ظهور جيش إنقاذ الروهينغا ضروريا للدفاع عنهم، ولا يعني أن هذه كانت بداية مقاومة الروهينغا للحكومة، لأنه سبقتها محاولات من أجل الدفاع عن الروهينغا ضد التطهير العرقي، بقدر قسوة الحكومة كانت المقاومة الروهينغية، ولهذا نجد خلال فترات التاريخ السياسي البورمي اضطرابا وتقلبا في مواقف الحكومة تجاه الروهينغا، كان هدف جميع الحكومات القضاء عليهم، مع اختلاف المواقف الحكومية.
دعنا ننظر الى تاريخ المقاومة الروهينغية للحكومات البورمية أو الميانمارية، فقبل استقلال بورما سنة 1948 كانت محاولات الروهينغا مستمرة للانفصال عن بورما، وبعد الاستقلال استمروا في هذا النضال، ففي سنة 1974 تشكلت جماعة مسلحة باسم جبهة الروهينغا الوطنية بقيادة محمد جعفر حبيب، والذي كان أمينا عاما لحزب التحرير الروهينغا، ثم انقسمت الى عدة فصائل، في سنة 1978 ظهرت الحركة الإسلامية الروهينغية لكن الجنرال (ني وين) Ne Win قضى عليها في عملية عسكرية أسماها الملك التنين مما سبب تهجير مئات الآلاف من الروهينغا الى بنجلاديش، ويعد أن أوقف محمد جعفر حبيب نشاط الجبهة الوطنية خرج من رحمها أشد الجماعات الروهينغية تطرفا وهي منظمة تضامن الروهينغا المسلحة سنة 1982، ثم انقسمت هي الأخرى الى عدة فصائل سنة 1986، في سنة 1988 اندمجت مع جبهة أراكان الروهينغية الإسلامية بقيادة نور الإسلام، ليكون قاعدة لجيش الروهينغا الوطني، في سنة 1994 شنوا هجمات مسلحة قوية على الجيش الميانماري، في بلدة موغندار، لكنهم لم يلقوا دعما داخليا من الروهينغا، فاستطاع الجيش هزيمتهم، وسبب ظهور هذه الجماعات الوطنية والإسلامية الروهينغية يعود الى ممارسة الحكومة الميانمارية التطهير العرقي بكل وضوح، ففي سنة 1974 قامت حكومة ميانمار بتجريد الروهينغا من الجنسية، وفي سنة 1982 شرعت قانون المواطنة، وهو يقتضي عدم السماح لروهينغا بالعيش في البلاد، وتم منحهم البطاقة البيضاء بدل الجنسية لعامين، وبعد انتهاء صلاحيتها لا بد أن يبحثوا عن بلد آخر للعيش فيه، ووكان هدف الحكومة ترحيلهم الى بنجلاديش، ولعل القاريء يسأل لماذا لا يساند الروهينغا الجماعات الروهينغية المسلحة بشقيها الوطني والإسلامي؟ يمكن تلخيص ذلك في نقاط عدة:
1) عدم وضوح حقيقة هذه الجماعات التي تنتشر بين الفينة والأخرى، فمؤسس حركة اليقين يعيش في المملكة العربية السعودية، وقد اختفى الرجل فيها بعد اندلاع العنف في أراكان.
2) تشتت هذه الجماعات وانقساماتها المستمرة.
3) كثرة هذه الجماعات بأسماء مختلفة وأهداف متباينة، وشعارات غير واقعية.
4) الخوف من بطش الحكومة وقسوتها وطغيانها، والأمل في المفاوضات لعلها تحقق مطالب الروهينغا الشرعية.
5) عنف بعض الجماعات وتطرفها وقسوتها مثل جماعة تضامن الروهينغا.
6) بعضهم يعيش في الخارج وهو يقود جماعة تقاتل في ميانمار، خذ مثلا نور الإسلام رئيس جبهة أراكان الروهينغية الإسلامية، حيث يعيش الرجل في بريطانيا، وهو محام نال البكالوريوس في القانون والماجستير في جامعة شرق لندن سنة 2007.
في سنة 2001 أسس عطاء الله أبو عمار جونوني، حركة اليقين كرد فعل لما قامت به الجماعات البوذية من استهدف للروهينغا المسلمين العزل، بعد أن قامت حركة طالبان الأفغانية بتدمير تماثيل بوذا في باميان في وسط أفغانستان، وفي سنة 2002 أظهروا ارتباطهم بتنظيم القاعدة في أفغانستان بقيادة أسامة بن لادن، في سنة 2012 غيرت الحركة اسمها الى (جيش إنقاذ الروهينغا في أراكان) في سنة 2016 قامت بعمليات مسلحة ضد الجيش الميانماري، لكن الروهينغا لم يساندوا هذه العمليات المسلحة، على العكس طالبوا الحكومة بتسليحهم لمحاربتهم والدفاع عن الدولة، كل ذلك خوفا من تكرار مأساة المراحل السابقة، ومعلوم أن قادة هذه الجاماعت المسلحة الإسلامية تلقوا التدريبات في ليبيا قبل سقوط القذافي سنة 2011، وفي افغانستان وكذلك في بنجلاديش القريبة منهم على يد جماعة المجاهدين في بنجلاديش.
كان الروهينغا يفضلون الحل السلمي لقضيتهم بالحوار مع الحكومة، وكانوا يحاولون الحصول على دعم دبلوماسي خارجي، فقد ساندت أندنوسيا وهي أعظم دولة مسلمة وباكستان ماليزيا وبنجلاديش الروهينغا، بل إن رئيس الشيشان رمضان قاديروف شارك في مظاهرة شعبية وطالب باستخدام السلاح النووي ضد بورما إن لم تكف عن اضطهاد المسلمين، وكذلك ساندت تركيا حيث سافرت زوجة الرئيس التركي الى مخيمات الروهينغا لتفقد أوضاعهم، وعدَّت الأم المتحدة أقلية الروهينغا من أكثر الأقليات اضطهادا في العالم، ولكن عناد الحكومة الميانمارية وعنصريتها استمرت، وقد وصل الأمر برئيس ولاية أراكان أن يهدد بإيقاف جميع المساعدات الإنسانية إذا تم استعمال مصطلح الروهينغا، ثم قال في مؤتمر صحفي:" سنحاول إثبات أن الروهينغا لم يكونوا موجودين عبر التاريخ في الولاية، وسنقوم في تدقيق المواطنة سنة 2015 بإشراف دار الهجرة، وفي سنة 2015 عندما فازت الزعيمة المعارضة سوتشي توقع الروهينغا تحسن وضعهم، لكونها سيدة ديمقراطية عاشت في الغرب، ونالت جائة نوبل للسلام، لكن الأمر زاد سوءا بالنسبة للروهينغا، ففي السنة التي فازت فيها رفضت استعمال مصطلح الروهينغا، وقد زادت معاناة الروهينغا كثيرا في عهد أونغ سان سوتشي، حيث تم تهجير 720 ألف من الروهينغا، ولهذا جردت منظمة العفو الدولية سوتشي من جائزة سفيرة الضمير، وسحب متحف الهولوكوست الأمريكي جائزة حقوق الإنسان المرموقة ( إيلي فيزيل) التي منحها لها سنة 2012 من سوتشي، لكونها لم تلتزم بحقوق الإنسان، بل إنها ارتكبت جرائم بحق الروهينغا، وهناك دعوات كثيرة لسحب جائزة نوبل للسلام منها، في سنة 2017 أعلنت هذه الجماعة هدنة من جانب واحد لمدة شهر لدخول المساعدات الإنسانية الى أراكان، لكن الحكومة رفضت كدأبها، لكونها تصنف جميع الجماعات المسلحة الوطينة والإسلامية الروهينيغية في قائمة الإرهاب، ورفضت الجماعة علاقتها بالقاعدة وداعش، وأنها تعمل من أجل إنقاذ الروهينغا من بطش النظام الميانماري، مع أنها في سنة 2002 اعترفت بعلاقتها بالقاعدة، وسبب نفيها الآن علاقتها بالقاعدة وداعش لكسب التأييد الدولي والعالم العربي والإسلامي.
السؤال الذي يطرح نفسه، هل الحكومة وحدها مسؤولة عن هذا الإرهاب ضد الروهينغا، أم أن ثمة قوة أخرى تقف وراء الحكومة؟.
والحقيقة أن رهبان ميانمار لهم دور بارز في الشحن الديني والعنصرية العرقية، فمنذ الاستقلال وحتى هذه اللحظة تهتم الدولة بالبوذية في نشرها وبناء المعابد والمدارس لها لمقاومة جميع الأديان الموجودة في البلد كالإسلام والمسيحية والهندوسية، فساسة البلد بحاجة الى الرهبان ليحكموا، والرهبان بحاجة الى الساسة لتقوى البوذية وتنتشر، وهذه العلاقة الاستراتيجية تاريخية بنتها أسرة باغان بين عامي(1000-1300) فهي أول أسرة بوذية وحدت بورما، ولجأت الى العنف في فرض البوذية، وصنعت هذه العلاقة الاستراتيجية بين البوذية والسلطة، ولهذا كانت رسالة رهبان البوذية أن أراكان موطن الروهينغا المسلمين أكبر تهديد للبوذية، وخاصة بعد تزايد عدد الروهينغا، ولهذا سن البرلمان الميانماري سنة 2015 قانونا بمنع تعدد الزوجات والزواج بين الأديان والقيود على التحول الديني، بل إن مليشيات (الماغ) تعتقد أن الروهينغا أجانب يحملون في أجسادهم الشر، وهذا يعني وجوب القضاء عليهم، للقضاء على الشر، وأشد جماعات البوذية تطرفا وعنفا وإرهابا هي جماعة(969) وهي متأثرة ببوذية التيرفاد Theravada الموجودة في سريلانكا وكمبوديا وتايلاند ولاوس، وبالأخص بوذية بودو بالا سينا BBS في سريلانكا، أسس كياو لوين سنة 1999 جماعة (969)، وفي سنة 2013 انضم الراهب (آشين ويراثو) Ashin Wirathu ويعرف بابن لادن بورما الى هذه الجماعة، وهي تشبه حركة الراهب البوذي التيلاندي فرا أبيشارت بوناجانتو، فيما يخص اسم الجماعة الذي يتكون من ثلاثة أرقام(969) فهو يرمز الى معاني مهمة في أيدلوجية الجماعة، فرقم (9) تسعة يرمز الى تسع سمات خاصة لبوذا، ورقم (6) ستة يرمز الى تعاليم بوذا(دارما) ورقم(9) الأخير يشير الى السمات التسع(السانغا) الرهبان، فبوذا والدراما والسانغا هي الجواهر الثلاثية لديانة البوذية، وقد ارتكبت هذه الجماعة باسم البوذية وباسم الدولة مجازر بحق الروهينغا، ومن أشد المحرضين على كراهية الروهينغا وقتلهم وإبادتهم الراهب البوذي المتطرف أشين ويراثو فهو خطيب مصقع يحرض على كراهية جميع الأديان وخاصة الإسلام، فخطبه وكلماته ومحاضراته عنصرية وإرهابية، وقد منعته الحكومة من إلقاء الخطب، ثم تخلت عنه، وحكمت عليه المحكمة في سنة 2003 بالسجن خمسا وعشرين سنة لكنها أفرجت عنه سنة 2012، ليعود مرة أخرى الى نشر الكراهية والقتل والعنف ضد الروهينغا، ولهذا عرف هؤلاء الرهبان برهبان الدم، والحقيقة أن الحكومة ليست جادة في ذلك، بل هي تشجع وجود أمثال هؤلاء الرهبان المتعصبين، ولو قمت بإحصاء القرى المدمرة بالكامل، والأراضي المحتلة، والأرواح التي أزهقت، والنساء والبنات المغتصبات، والاتجار بالبشر، وحرق البيوت، ومصادرة الأموال، والتشريد والتهجير والتقتيل لاحتجت الى مقال آخر، الذي أريد أن أصل إليه، إن الروهينغا من أكثر الأقليات على وجه الأرض معاناة وعذابا بيد أبشع دولة تمارس الإرهاب بحق مواطنيها.
ولكي نكون منصفين أمام حقائق التاريخ، لا بد من القول إن جميع الأديان جاءت لإسعاد البشرية ونشر السلام، ولكن في جميع الأديان هناك جماعات متطرفة ترتكب حماقات وجرائم ومجازر باسم الدين، فلا يعني ذلك أن الدين نفسه يحرض على العنف، فما قامت به القاعدة وداعش باسم الإسلام من جرائم وقتل ودمار وفساد لا أحد يستطيع أن يتهم الإسلام في كونه يحرض على ذلك، وما قام به اليهود المتطرفون لا أحد يتهم اليهودية بذلك، وما قام به المسيحيون المتطرفون وخاصة في الآونة الأخيرة ما رأيناه من هجوم الإرهابي الاسترالي المسيحي برينتون تارنت على مسجد في نيوزلندا وقتل خمسين مصليا، لا أحد يتهم المسيحية بذلك، وهكذا فيما يخص البوذية والهندوسية والسيخية، فالدين شيء وفهم أتباعه لنصوصه شيء آخر، ففي كل دين معتدلون، وفي كل دين متطرفون، فلا بد أن يتحد المعتدلون جميعا في كل دين لمواجهة المتطرفين في كل دين، حتى لا يقضوا على تعايشنا السلمي عبر التاريخ.
Top