• Friday, 26 April 2024
logo

الإسلام السياسي في باكستان

الإسلام السياسي في باكستان
في سنة 1906 أسس مسلمو شبه القارة الهندية الرابطة الإسلامية في مدينة دكا (عاصمة بنغلاديش الحالية) وذلك لتصبح مركزا لحل مشاكل المسلمين في شبه القارة الهندية Indian Subcontinent، - ومصطلح شبه القارة الهندية يشمل هذه الدول (الهند India، باكستان Pakistan، بنغلاديش Bangladesh، نيبال Nepal، بوتان Bhutan، مالديف Maldives وسريلانكا Sri Lanka) وقد انضم إليها محمد علي جناح (مؤسس باكستان) ليصبح فيما بعد رئيسا للرابطة الإسلامية، وذلك لمواجهة الجماعات الهندوسية المتشددة التي تحاول المساواة بين الهوية الهندية والهندوسية، ويقتضي تصورهم أن كل هندي يجب أن يكون هندوسيا، لأن الهندوسية هي هوية الدولة والأمة والشعب، وقد حاول المهاتما غاندي رئيس حزب الؤتمر الهندي الوقوف ضد هذه الدعوات، وأن الهند للهندوس والمسلمين والسيخ والبوذيين، وبسبب دعوته الإنسانية اغتيل بيد متطرف هندوسي يدعي ناثورام فيناياك جودس من دعاة القومية الهندوسية سنة 1948 أي بعد استقلال باكستان، أما محمد علي جناح فقد ركز على تمييز المسلمين عن الهندوس من خلال تأسيس دولة خاصة بهم، وهذا ما دفعه الى استقلال باكستان، وانفصالها عن الهند سنة 1947، ليصبح أول رئيس للجمهورية الإسلامية الباكستانية، وقد حاول غاندي إقناع محمد علي جناح بالعدول عن فكرة الإنفصال ولكن دون جدوى، لأنه رأى أن بقاء المسلمين في الهند سيعرضهم الى مخاطر مستقبلية، كلف محمد علي جناح لياقوت علي خان بتشكيل أول حكومة بعد الاستقلال، لكنه اغتيل سنة 1951، ليخلفه خواجه نظام الدين، وكان كلا الرجلين من أعضاء الرابطة الإسلامية، بعد الاستقلال بسنة توفي محمد علي جناح ولم يحقق حلمه في بناء باكستان وفق خطته واستراتيجيته المستقبلية، في سنة 1956 أصبح الجنرال اسكندر ميرزا رئيسا للجمهورية، في سنة 1958 قام ميرزا بتعطيل الدستور وإعلان الأحكام العرفية، لكن الجنرال أيوب خان وضع له حدا، فأطاح به في انقلاب عسكري عندما كان وزيرا للدفاع، ثم قام بحظر الأحزاب، وأصدر دستورا جديدا للبلاد، وغير اسم الدولة من الجمهورية الإسلامية الباكستانية الى الجمهورية الباكستانية، وفي سنة 1960 جعل نظام الحكم رئاسيا، ولم تبق أي أهمية لمنصب رئيس الوزراء، في سنة 1969 أطاح الجنرال آغا محمد يحيى خان بسلطة أيوب خان، وعطل الدستور، قام بتنظيم الانتخابات سنة 1970، مما سبب الفوضى في البلاد، انتهى حكمه سنة 1971 بعد مطالبة الضباط له بالإستقالة، حيث منيت باكستان بهزيمة مدوية أمام الهند في حرب كشمير، وانفصلت بنغلاديش (باكستان الشرقية) عن باكستان، تولى ذو الفقار بوتو السلطة سنة 1971 بعد فوزه في الانتخابات، وبقي في السلطة حتى سنة 1973، ثم أصبح رئيسا للوزراء حتى سنة 1977، وكان قد سبق أن أسس ذو الفقار حزب الشعب الباكستاني ذات التوجه الإشتراكي سنة 1967، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية للدولة، ويعود إليه الفضل لتصبح باكستان دولة نووية، حيث بعد تسلمه الرئاسة لشهر جمع خمسين عالما نوويا باكستانيا في مدينة مولتان القريبة من الهند، واجتمع تحت خيمة أصبحت تعرف فيما بخيمة مولتان، وبدأ في بلد فقير وبعقول باكستانية وأموال عربية وخاصة السعودية وليبيا بتحويل باكستان الى دولة نووية تقف أمام تهديدات الهند، ولولا ذلك لأصبحت باكستان لقمة سائغة من قبل الدول العظمى وخاصة الصين والهند، فهي الآن سابع أكبر قوة مسلحة في العالم، والجيش الباكستاني وريث الجيش البريطاني حيث الخبرة والقوة والتدريب، ومع ذلك قام الجنرال محمد ضياء الحق بانقلاب عسكري ضد حكمه سنة 1977، والأدهى من ذلك إعدامه سنة 1979، وقد فرض ضياء الحق قانون الطواريء من سنة 1977 وحتى 1988 ليتعرض حزب الشعب لبوتو للملاحقة، وقد فرت عائلة بوتو الى الخارج، وبقيت في المنفى لعشر سنوات، وقد دعم الغرب ضياء الحق بجميع النواحي ودعمه العرب من الناحية المادية لمواجهة حرب الاتحاد السوفيتي ضد أفغانستان، مات ضياء الحق سنة 1988 بعد انفجار طائرته، وقد كان ضياء الحق يدعم نواز شريف لمواجهة عائلة بوتو، وكيف لا فقد كان ضياء الحق ينتمي في شبابه الى جماعة التبليغ، وكان ينوي تحويل باكستان الى دولة إسلامية تطبق الشريعة، ولهذا لا غرابة في دعمه لنواز شريف وريث أقدم جماعة إسلامية وهي الرابطة الإسلامية، عادت بنت ذو الفقار بنازير بوتو لتقود حزب والدها حزب الشعب، وتسلمت الحكم سنة 1988، وكان الصراع بينها وبين نواز شريف شديدا لمدة (11) سنة، مما وقع البلد في فوضى وفساد وصراع ديني وطائفي، حكمت بنازير بوتو من سنة 1988 وحتى 1990 أسقط حكومتها الرئيس الباكستاني غلام إسحاق خان سنة 1990 بسبب الفساد والفوضى والصراعات، ثم فاز نواز شريف ليحكم من سنة 1990 وحتى 1993، ثم عادت بنازير لتحكم من سنة 1993 وحتى 1996 لتسقط حكومتها مجددا من قبل الرئيس الباكستاني فاروق ليغاري سنة 1996، خرجت من باكستان، وبقيت لفترة، ثم عادت سنة 2007 لتشارك في الانتخابات، وقد قتلت أثناء مشاركتها في حملة الإنتخابات في براولبندي سنة 2007، شارك زوجها آصف علي زرداري بدلا عنها في الانتخابات ليفوز بعد تعاطف الشعب معه بسبب مقتل زوجته، بعد إقالة حكومة بنازير من قبل رئيس الجمهورية تسلم نواز شريف الحكم من سنة 1996 وحتى 1999، ليقوم الجنرال برويز مشرف بانقلاب عسكري سنة 1999 ضد حكم نواز شريف، علما أن برويز من جماعة الرابطة الإسلامية، حيث قام بانقلاب ضد وريث الرابطة الإسلامية نواز شريف، وقد تعهد برويز سنة 2001 بتأسيس حزب باسم الرابطة الإسلامية جناح القائد الأعظم ويقصد به مؤسس باكستان محمد علي جناح، لأن نواز شريف أساء الى سمعة الرابطة بفساده العريض حسب رؤية برويز، ولهذا هناك جماعة الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف، وقد أضعف برويز مشرف بتشكيله حزبه الجديد موقف نواز شريف ليفوز برويز في انتخابات 2002 ليصبح رئيسا شرعيا لخمس سنوات، حديث دعمه حزبه الجديد، وتعود فكرة تشكيل هذا الحزب الى تشودري شجاعت حسين حيث كان مقربا من العسكر، ثم جاء برويز ليعلنه بشكل رسمي، بعد الحرب الأمريكية ضد حركة طالبان، أصبح برويز حليفا لواشنطن في حربها ضد الإرهاب، ففتح الأجواء الباكستانية للطائرات الأمريكية لضرب مقاتلي طالبان والقاعدة، وبسبب تحالفه اللامحدود مع أمريكا قامت قوات أمريكية خاصة بتصفية أسامة بن لادن سنة 2011 في مدينة أبوت آباد، يوما بعد يوم ازداد سخط الشعب الباكستاني تجاه سياسة برويز، حيث وصفوه بالرجل المنبطح لأمريكا، والدمية الأمريكية، وثمة عدة أسباب وراء الإطاحة ببرويز:
1) تحالفه غير المحدود مع أمريكا سنة 2001.
2) تعطيل الدستور وإعلان حالة الطواري.
3) طرده القضاة ورئيس المحكمة العليا افتخار محمد تشودري لخلافات بينهما، مع أن ذلك ليس من صلاحيته سنة 2007.
4) اقتحام قواته المسجد الأحمر(لال مسجد) في العاصمة، وهو أكبر مسجد، بحجة أنه بني مخالفا للقانون، وقد قتل الآلاف من الطلبة فيه سنة 2007.
5) عزله منقذ باكستان العالم النووي عبد القدير خان حيث كان مستشارا علميا للحكومة، ثم إعادته الى منصبه.
6) اتهم بقتل بنازير بوتو سنة 2007.
7) اتهم بقتل الزعيم البلوشي نواب أكبر خان سنة 2006 الذي كان يقود حملة لنيل الحكم الذاتي لإقليم بلوشستان وهو أكبر الأقاليم الباكستانية وأغناها بالمواد المعدنية.
8) خرقه للاتفاق الذي أبرمه مع الأحزاب الإسلامية المعارضة أنه سيتخلى عن السلطة سنة 2004.
9) مصافحته لرئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون سنة 2005 على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
هذه العوامل مجتمعة صنعت سخطا شعبيا وحراكا قويا أطاحت به ليخرج الى المنفى في بريطانيا، وقد فاز حزب الشعب بقيادة آصف علي زرداري، في سنة 2013 فاز نواز شريف لكن تم خلعه سنة 2017 بعد تسريبات أوراق بنما Panama Papers حيث اتهم بجرائم مالية، وقد حكمت المحكمة بمنعه من تولي أي منصب مدى الحياة، وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات، وقد رشحت الرابطة الإسلامية شهيد خاقان عباسي حتى سنة 2018 لتجري الإنتخابات، وليسطع نجم الكريكيت Cricket عمران خان رئيس وزراء باكستان الحالي، أسس عمران خان الحركة الوطنية من أجل العدالة في باكستان سنة 1995 وتعرف بحركة الإنصاف، قاد بلاده الى الفوز بكأس العالم للعبة الكريكيت سنة 1992، اعتزل عالم الرياضة ودخل عالم السياسة، وقد شارك في الحراك ضد برويز حتى أطيح به سنة 2008، وشارك في انتخابات سنة 2013 لكنه لم يحصل على أصوات كافية، في انتخابات 2018 فاز على مرشح ثلاثة أحزاب كبرى وهو شهباز شريف، أخو نواز شريف، الذي كان يقود حزب الرابطة الإسلامية بعد نواز شريف.
إذا كانت الرابطة الإسلامية حركة إسلامية قوية قديمة تشكلت قبل استقلال باكستان، فإن الجماعة الإسلامية تعد أقوى منها، لكن الفرق بينهما أن الرابطة الإسلامية حركة إسلامية باكستانية نابعة من واقع باكستان، بينما الجماعة الإسلامية تجربة خارجية نقلت الى باكستان من العالم العربي وخاصة مصر، فهناك تشابه كبير بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين، فقد كانت الجماعة ضد انفصال باكستان عن الهند بخلاف الرابطة الإسلامية، بعد إعلان محمد علي جناح استقلال باكستان زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين المصرية برئاسة صالح العشماوي باكستان سنة 1947 حاملا رسالة من المرشد العام حسن البنا لتهنئة محمد علي جناح على إعلانه باكستان دولة إسلامية مستقلة، وكانت هناك رسائل متبادلة بين الرجلين، حيث كتب له محمد علي جناح:" لا يوجد شيء قط في الوجود يمكن أن يفصم الرباط الذي بيننا، لأنه شيد على قاعدة صخرية من الإخوة الإسلامية"، رد عليه حسن البنا ببرقية تأييدا له ولقضايا المسلمين في الهند وباكستان، إذن وصل الإخوان المسلمون الى باكستان في بداية استقلالها، وقد كانت الجماعة الإسلامية موجودة آنذاك، لأنها تأسست سنة 1941 في لاهور عندما اجتمع عدد من علماء باكستان من أنحاء البلاد، وأعلنوا عن الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية، وتم انتخاب أبي الأعلى المودودي أميرا لها، بعد قيام دولة باكستان اختار المودوي البقاء في باكستان لتنقسم الجماعة الى قسمين، قسم باكستان بقيادته، وقسم الهند بقيادة أبي الليث الإصلاحي، وكلا القسمين واحد من الناحية الأيدلوجية مع اختلاف الأوطان، وله فرع في بنغلاديش بعد انفصالها عن باكستان سنة 1971، في سنة 1948 أي بعد استقلال باكستان بسنة طالب المودودي بتطبيق الشريعة، فاعتقلته الحكومة، لكن الشعب تعاطف مع المودودي فوافقت الحكومة على مطالبه سنة 1949، فأفرجت عنه سنة 1950، في سنة 1951 اجتمع عدد كبير من علماء المسلمين من مختلف الطوائف في مدينة كراتشي لكتابة مقترحات لصياغة دستور إسلامي للبلاد، لكن الحكومة التزمت الصمت، لتعلن في سنة 1953 الأحكام العسكرية في لاهور، واعتقلت المودودي، ثم قررت إعدامه، لكن الضغوطات الداخلية والخارجية دفعت الحكومة الى الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، زادت الضغوطات لتقرر الحكومة الإفراج عنه سنة 1955، في سنة 1956 وافقت الحكومة على إقرار دستور إسلامي للبلاد، إلا أن الإنقلاب العسكري الذي قاده أيوب خان سنة 1958 أعلن عن دستور آخر جديد للبلاد سنة 1963، وقرر حظر الجماعة الإسلامية واعتقال المودودي، لكن المحكمة أبطلت القرار سنة 1964 وأفرجت عن المودودي وزملاءه الذين اعتقلوا معه، في سنة 1972 قدم المودودي استقالته لتدهور صحته، وليتفرغ للعلم والكتابة، خلفه ميان طفيل وبقي أميرا لها حتى سنة 1987، ثم توفي الرجل ليخلفه قاضي حسين لكنه هو الآخر قدم استقالته سنة 2009 لتدهور صحته، فخلفه سيد منور حسن، لكنه استقال سنة 2014 بعد حصول الجماعة في الانتخابات على أصوات متدنية، ويرأس الجماعة الآن سراج الحق، لقد أصبح تأثير الجماعة الإسلامية في باكستان ضعيفا، وخاصة بعد انشقاق بعض الجماعات عنها، وظهور جماعات إسلامية أخرى في باكستان، ففي سنة 1981 انشقت عنها حركة تنفيذ الشريعة الإسلامية التي أسسها الملا صوفي محمد احتجاجا على مشاركة الجماعة الإسلامية في الانتخابات، قاتلت هذه الحركة مع طالبان أفغانستان ضد التحالف الدولي، تم أسره من قبل أمريكا لتسجنه في جزيرة غوانتانامو، ثم سلمته أمريكا لباكستان ليسجن من جديد، تولى قيادة الحركة نجله الملا فضل الله ليقاتل الجيش الباكستاني، تم حظر الجماعة سنة 2002، في سنة 2008 أفرجت الحكومة الباكستانية عن الملا صوفي، بعد الاتفاق على تطبيق الشريعة في منطقة وادي سوات، لكن الاتفاق فشل، لتبدأ المواجهة من جديد سنة 2009، إلا أن الملا صوفي فر الى أفغانستان بعد وصفه برويز مشرف بالدمية الأمريكية، ومن الجماعات التي ظهرت وأضعفت تأثير الجماعة الإسلامية جماعة الدعوة الإسلامية التي تأسست سنة 1985، وكانت تعرف سابقا بمركز الدعوة والإرشاد، وهي جماعة سلفية، أسسها الدكتور الحافظ محمد سعيد، لتكون جماعة دعوية خيرية، لها مستشفيات ومعاهد وجامعات في لاهور، اتهمت الهند هذه الجماعة بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف البرلمان الهندي في نيودلهي سنة 2001، ثم قامت باكستان بحظر هذه الجماعة سنة 2002، واعتقلته سنة 2005 ثم أفرجت عنه ليركز على العمل الخيري والدعوي، ثم قام الغرب بتصنيف هذه الجماعة في قائمة الإرهاب وخصصت أمريكا(10) مليون دولار لرأس حافظ سعيد سنة 2012، وبعد أن قرر حافظ سعيد العمل في المجال الدعوي الخيري، بقي عبد الواحد الكشميري يقود الجناح العسكري ضد الهند في كشمير، وفي سنة 2008 استهدفت الجماعة مواقع في مومباي وقتلت (170) شخصا، لكن يبدو أن لهذه الجماعة جناحا مسلحا يعرف بلشكر طيبة أي عسكر طيبة حيث تأسس سنة 1987، وهو أكبر جناح مسلح في جنوب آسيا، حيث كان يقاتل في أفغانستان ضد الاتحاد الروسي في سنة 1987-1988، ثم بعد هزيمة الروس، بدأ التركيز على مواجهة الهند في كشيمر، وقد استقال حافظ سعيد من الجماعة ليتفرغ للعمل الخيري سنة 2001، بينما بقي عبد الواحد الكشميري يقود الجناح المسلح لمقاتلة الهند في كشمير، وثمة جماعة أخرى تقاتل ضد الهند في كشمير وهي حركة المجاهدين الباكستانية التي تأسست سنة 1997 بزعامة فضل الرحمن خليل، تتمركز في مظفر آباد عاصمة كشمير الباكستانية، أدرجت أمريكا زعيمها في قائمة الإرهاب لصلته بالقاعدة سنة 1999، وقد اعتقلته باكستان سنة 2001، وفي سنة 2008 أفتى بمشروعية استهداف المصالح الغربية وخاصة الأمريكية، ومن الجماعات التي تقاتل الجيش الهندي جيش محمد بزعامة مسعود أزهر أسسها سنة 2000، كان الأمين العام لحركة الأنصار، اعتقلته الهند سنة 1994، لكنها أفرجت عنه بصفقة مع خاطفي الطائرة الهندية القادمة من نبيبال ليختطفوها الى قندهار مطالبين الهند بالإفراج عن معتقليهم ومنهم مسعود أزهر، وهذه الجماعة سنية تنتمي الى التيار الديوبندي تختلف عن جيش محمد الشيعي بقيادة مريد عباس يزداني، ولا ريب أن المخابرات الباكستانية ISI متورطة في صناعة بعض هذه الجماعات ودعمها ضد الاحتلال الهندي لكشمير بعد هزيمة باكستان العسكرية أمام الهند، حيث خاض البلدان ثلاث حروب وكادت تقع الرابعة سنة 1999، بعد استقلال الهند من الحكم البريطاني سنة 1947 اتفقت باكستان والهند على تقسيم الولايات وفق الأغلبية الدينية، وقد كان هذا مقترحا بريطانيا، فالأغلبية المسلمة لكل مدينة تتبع باكستان، والأغلبية الهندوسية لكل مدينة تتبع الهند، وتم تقسيم المنطقة بهذه الصورة، وبقي إقليم كشمير الذي كان يرأسه الهندوس بقيادة هاري سين حيث طالب بالإنضمام الى الهند مع أن الأغلبية في كشمير من المسلمين، ولكنه خشي ردة فعل المسلمين، فطالب بتعليق القرار مؤقتا، فوقعت مواجهة بين المسلمين والإدارة الهندوسية، فتدخلت باكستان لمساندة مسلمي كشمير، وتدخلت الهند لمساندة إدارتها الهندوسية فوقعت أول حرب حول كشمير، حتى تدخلت الأمم المتحدة لتطبيق قرار مجلس الأمن بوقف الحرب وإعطاء أهل كشمير حق تقرير المصير في استفتتاء شعبي، لكن الهند رفضت لأنها تعرف النتيجة، ولم يتم تطبيق قرار مجلس الأمن، وهناك خط فاصل بين كشمير باكستان وكشمير الهند، ومع ذلك نجد مساحة كبيرة بنسبة %43 تحت سيطرة الهند ونسبة %37 تحت سيطرة باكستان، ولهذا لا يتخلى الباكستانيون عن هذا الإقليم، بل يطالبون به باستمرار، ولهذا نجد ظهور جماعات دينية وقومية تطالب بالانفصال عن الهند، وقد مضى على هذا الصراع سبعون عاما، ومن الجماعات الإسلامية جمعية علماء باكستان بزعامة سميع الحق أبو طالبان ويعد الزعيم الروحي لحركة طالبان الباكستانية، اغتيل سنة 2018، كان رئيسا للمدرسة الحقانية التي تخرج منها الملا محمد عمر، وباكستان معروفة بعدد مدارسها الدينية التي تبلغ (14) ألف مدرسة دينية على المذهب الحنفي، ويقدر عدد الطلاب ب(5) مليون طالب، وهذه المدارس باستمرار تخرج مقاتلين ليشاركوا في العمليات الجهادية التي تعلنها الجماعات الإسلامية كا حصل في حرب أفغانستان، كان سميع الحق متحالفا مع رئيس وزراء الحالي عمران خان، انشقت عن جمعية علماء الإسلام الباكستانية القديمة التي أسسها الشيخ شبير أحمد العثماني بعد استقلال باكستان، ويتزعمها المولوي فضل الرحمن، أما بخصوص حركة طالبان الباكستانية فقد تأسست سنة 2007 وهي تتكون من فصائل كثيرة، ظهرت بوادر نشأتها بعد الهجوم الأمريكي ضد حركة طالبان في أفغانستان، في سنة 2009 غيروا اسم الحركة الى مجلس شورى المجاهدين، حاولت باكستان القضاء عليها سنة 2003-2004 لكنها أخفقت، وقد صنفتها باكستان منظمة إرهابية سنة 2008، ثم صنفتها أمريكا في قائمة الإرهاب سنة 2010، وقد قامت بعمليات انتحارية كثيرة في سنة 2008-2009- 2013، حيث استهدفت الكنائس والفنادق في العاصمة، في سنة 2014 قام الجيش الباكستاني بعملية سماها عملية ضربة الغضب، لتنهار الحركة، ويفر أعضاءها، ولتقع انشقاقات في صفوفها بعد ظهور داعش، حيث قامت الحركة بطرد المتحدث باسمها وأعضاء أخرين عندما بايعوا أمير تنظيم داعش أبي بكر البغدادي، وهناك جماعات إسلامية أخرى كثيرة لا مجال لذكرها، كجماعة أهل الحديث بزعامة ساجد مير، وهي جماعة سلفية، وجمعية علماء باكستان البريلوية، وهي جماعة صوفية أسسها شاه أحمد نوراني، يقودها الآن نجله أنس، ثم قادها أويس، وبخصوص شيعة باكستان فهم أقلية، يشكلون %20 فلهم مجلس وحدة المسلمين بزعامة راجا ناصر عباس، وهو مجلس يضم أحزابا شيعية تأسس سنة 2009.
تقدمت الهند وتخلفت باكستان بسبب الصراعات التاريخية منذ استقلال باكستان بين الجماعات الإسلامية الداعية الى تطبيق الشريعة الإسلامية والجماعات العلمانية التي تريد عكس ذلك، أي بناء دولة مدنية قوية مع بقاء هويتها الإسلامية، فتحولت باكستان الى قاعدة عريضة للتصفيات السياسية والنزاعات القبلية والاغتيالات واستهداف الدول الأخرى، فالجماعات الإسلامية المعتدلة فقدت تأثيرها، وبقيت المتطرفة تتحكم في تحريك الشارع، والمدنيون إما جاءوا عن طريق الإنقلابات العسكرية مثل ضياء الحق وأيوب خان وبرويز مشرف، وهذا الأمر غير مرغوب به في الشارع الباكستاني، وإما جاءوا بطرق شرعية عن طريق الانتخابات، ولكنهم تورطوا في ملفات الفساد أمثال بنازير بوتو ونواز شريف، ومشكلة الجماعات الإسلامية المعتدلة أن همها الأول والأخير تطبيق الشريعة، حيث لم تطرح حتى الآن رؤية متكاملة حول مفهوم الدولة التي يردون إقامتها، فتطبيق الفقه الحنفي ليس تطبيقا للشريعة.
Top