• Saturday, 27 April 2024
logo

العراقيون وحلم الإصلاح المنتظر

العراقيون وحلم الإصلاح المنتظر
ان العملية السياسية التي ولدت في العراق ربيع العام 2003 كانت من أجل اصلاح واقع الحال الذي يعيشه العراقيون قبل هذا التأريخ كما ادعى عرابوها حينها . لكن هذا الواقع ازداد بؤساً وتراجع الى مستويات عميقة في مجالات الامن والخدمات وارتفاع نسب البطالة ناهيك عن تزعزع السلم والامن المجتمعيين . ومع كل ما ذكر وفي ظل المعطيات الحالية فلا توجد اية بوادر إصلاحية بامكانها تغيير الحال واعادته الى ما كان عليه قبل هذا التأريخ او استبداله بما هو افضل لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها (الفساد *المحاصصة *السلاح المنفلت *سلطة_الاحزاب على المؤسسات الحكومية) وغيرها من المسميات التي تمنع اجراء اية إصلاحات حقيقة موضوعية . واذا ما ارادت اية جهة حتى لو كانت من خارج العملية السياسية نفسها ان تجري اصلاحات عبر الدستور الراعي الرسمي للديموقراطية العراقية ، تتمثل بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة فإنها ستفسح المجال لنفس وجوه السلطة لإعادة تدوير نفسها ثانية او خلع جلودها وارتداء الوان اخرى كونها قد رسخت مكانتها في القيادة او حتى عقلية الناخب الذي لن يجد خيارا اخر غير اختيار تلك العناوين المتمرسة لقلة وعيه في مناسبة ولطائفيته بعد ان وضعته دوامة السياسة في مناخ طائفي يصعب الخروج منه، وهذا ما يعيدنا الى نفس النطقة التي انطلاقنا منها ويجعل من ازاحتنا صفرا وكأننا ندور في حلقة مفرغة . مؤخرا ظهرت على السطح الكثير من المشاريع السياسية الفتية التي تحمل لواء الاصلاح شعارا لها وهو ما جعلها تحظى بشعبية مجتمعية وقبول اكبر من سابقاتها الا ان تلك المشاريع لم تصمد طويلا امام حجم التحديات التي واجهتها كونها لا تمتلك المطاولة المطلوبة في الصراع مع عتاة السياسيين سيما الفاسدين منهم . او أن لعابها سال لفتات الامتيازات التي قُدمت لها فضربت احلام الفقراء وامالهم عرض الحائط وسارت مع القطيع مصفقة له . كل ما تقدم يجعلنا لا نشك بل نعتقد ان مفهوم الإصلاح الذي يتحدث الجميع عنه هو مجرد احلام لا يمكن تطبيقها على الأرض الا من خلال الغاء العملية السياسية برمتها واعادة كتابة الدستور بأقلام وارادت وطنية وهذا صعب جدا في ظل الوضع الاقليمي الساخن . لكن الشارع العراقي يذهب ابعد من ذلك وما يطمح له متظاهرو الامس واليوم هو نسف كل ما حصل بعد 9_4 والشروع بمرحلة جديدة تبدأ من تحت الصفر كونهم يرون ان كل المحاولات الاصلاحية هذه هي عمليات شكلية تهدف لإعادة تدوير السلطة بين الزعامات السياسية لا اكثر. ان تحقيق رغبة الشارع والغاء النظام السياسي القائم "بالقوة" لا يمكن الا من خلال أساليب رجعية عفى عنها الزمن تتنافى مع مفاهيم الديمقراطية وقيمها تتمثل بإجراء "انقلاب" عسكري يعيد الينا عهود الدكتاتورية المقيتة ، ولست من الداعين لذلك ولا من المؤيدين له اطلاقا لكنه الحل الوحيد للتغيير كما تعتقد الجماهير القانطة والناقمة على النظام السياسي بمناقبه ومثالبه وقد تكون المرحلة الحالية افضل مما يريده الشعب في القادم من الأيام قياسا بمرحلة حكم الانقلابيين . وبحسب مراقبين "وللأسف" فأن العملية السياسية العراقية اصبحت اشبه بصندوق تفاح "تالف" كلما وضعت فيه تفاحات جدد طازجات اخذا طريقها نحو التلاف بسبب الثقافة السياسية السائدة في هذه المرحلة ، وهذا الامر يجعل خيار البحث عن مسميات فردية مناطقية وفئوية ضيقة الملاذ الاوحد للباحثين عن الاصلاح وهو لا يقودنا الى الاصلاح الجمعي المنشود بل يجعل من تلك الشخصيات تمضي امتارا قليلة في طريق اصلاحي قبل ان تكتشف الحقيقة المرة التي مفادها ان الإصلاح مجرد حلم بعيد المنال في عراق اليوم وهذا ما يقود الشخصيات الاصلاحية التي اختارها الجمهور للبحث عن امتيازات فئوية ومناطقية دون المبلاة لكل ما يجري خارج مفهومها الطائفي الضيق . وكأنك يا ابا زيد ما غزيت .
Top