• Friday, 26 April 2024
logo

الفيليون: نُفِذت بحقهم كل الجرائم.

الفيليون: نُفِذت بحقهم كل الجرائم.

فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

الجريمة التي لم تكن الاولى بحقهم هي التسفير، وهي جريمة ارتكبت استنادا لقرار من مجلس قيادة الثورة، والذي اشتغلت على تطبيقه اجهزة الامن، وقبل ذلك جرت حملات اقدم ولاعداد اقل، لكن التعمد في الاستهداف اقترن لاحقا بسبب ثنائية القومية و المذهب، وايضا بسبب الثقل الاقتصادي الحر الذي شغله الفيليون سيما بعد سدهم لفراغ السوق الذي نتج عن تهجير اليهود العراقيين.
ثمة رأي سياسي يرى ان التسفير وعلى كل قساواته لم يصل بداية للتهجير كما الحملة اللاحقة، خشية من ردة فعل ايران الشاهنشاية يومها، بعكس ايران الثورة حيث جرى التهجير، ثم جرى الفرز لاحقا قبل التهجير، حيث جرى حجز الوف من الفئة العمرية التي هي دون الشيخوخة، ثم تمت عمليات تغييب و تصفية و اجراء تجارب عسكرية عليهم.
ليست الصورة القاتمة فقط هي تلك التي تظهر فيها منازل و مواقع عمل وقد جرت مداهمتها و انتزاع من فيها ليرمى على الحدود العراقية الايرانية، بل الاشد قتامة هي الجرح الاجتماعي الذي سلخ من بنية المجتمع العراقي مقطعا بأكثره بمخدر امني و دعاية مخيفة صورت للمجتمع وسوقت له ان امن البلاد و اقتصادها و حصانتها مهدد بوجود "عناصر مرتبطة بالعدو".
تعالوا ندرس ما جرى لأكثر الفيليين، فثمة عوائل جرى تهجير اجدادها ثم تسفير اولادها و احفادها او حجزهم لقتلهم لاحقا، وتمت مصادرة ممتلكاتهم بعد ان جرى حرمانهم ليس من حق الحياة، بل من الانتماء الرسمي القانوني للبلاد.
تهجير، اسقاط الجنسية، الحجز، التسفير او القتل، مصادرة الاموال و بيعها، الاتهام بجريمة بالباطل.
الحكومة وقتها و كالمعتاد حصنت اجراءاتها بقانون، وتلك جريمة اكبر تطال العدالة التي صارت ضحية القانون الجائر.
ايضا ثمة تفسيرات تتعلق بجزء من عقل السلطة، يعتمد في تقييمه على صلاحية المواطنة من خلال وضع المذهبية ركنا للحكم على الفرد، ويمكن قبول التفسير اذا اذا ما جرى ميل السلطة- وقد فعلت- لتقليل نسبة طائفة لصالح طائفة، وهكذا جرى قبل الحملات في سبعينيات و اوائل ثمانينيات القرن الماضي، اذ و بحجة التمايز بالتبعيتين الايرانية و العثمانية، جرى تسفير لعراقيين و منهم فيليون بحجة التبعية.
ليست القضية الاخطر فقط في سن قانون جائر، قانون لا طعن فيه، و لا تهاون في تنفيذه، بل الاخطر هو عدم فهم السلطة او رفضها لفهم معنى الحكم الرشيد، وهو حكم لا يجيء بالاماني و لا بالشعارات الباحثة عن التصفيق، بل بالعمل و في اثناء شغل المنصب لتركيز فكرة المواطنة مهما تعددت العرقية فيها والدينية و العقائدية، و الفيليون و البارزانيون و مئات الالوف من مواطني هذا البلد ضحايا تاريخية و حاضرة لعقل السلطة اذا ما انحرف نحو الاستبداد و الاستعداد لمغادرة الرشد و العدالة.

Top