• Sunday, 19 May 2024
logo

تعويض عجيب واجراء غريب!

تعويض عجيب واجراء غريب!

طارق كاريزي

 

قرية من قرى محافظة كركوك تقع ضمن الحدود الادارية لناحية بردي (آلتون كوبري) شهدت حالة عجيبة وغريبة. هذه الحالة التي تكررت في غضون الأشهر الأخيرة في العديد من القرى الأخرى التي سبق وأن تعرضت أبان حقبة البعث للتهجير القسري والتدمير الوحشي. اليكم قصة الحالة الأخيرة باختصار.

كورزايي (گورزه‌یی) قرية كوردية من قرى محافظة كركوك، تعرضت أسوة بمئات القرى الكوردية الأخرى في المحافظة للتدمير من قبل الحكومة العراقية أبان فترة سلطات البعث. تم تدمير القرية ليس بسبب ذنب اقترفه سكانها، ولا لضرورات أمنية ملحة أو بسبب كارثة طبيعية حلت بالقرية وجوارها، بل جاء تدمير القرية وتهجير سكانها قسرا وكرها بموجب سياسة عنصرية تعاملت مع العراقيين من منطلق التباين في انتمائهم القومي. سكان القرية هم من الكورد العراقيين ورثوا العيش في قريتهم أبا عن جد ضمن منطقة ذات أغلبية كوردية طوال قرون مضت أن لم نقل طوال آلاف السنين.

بموازاة طرد المواطنين الكورد من قراهم ومصادرة املاكهم وممتلكاتهم، نفذّت السلطات العراقية ابان حكم البعث سياسة استيطان العرب واحلالهم محل الكورد الذين سبق تهجيرهم قسرا، عرفت هذه السياسة في المخاطبات الرسمية العراقية باسم التعريب. والغاية الأبعد من سياسة الاستيطان والتعريب هي قضم أكبر مساحة من جغرافية كوردستان العراق واضفاء الطابع العربي عليها، ضمن خطة هدفها النهائي التضيّق جغرافيا على اقليم كوردستان العراق في اجراء غير منصف بل مجحف وعنصري الى ابعد الحدود.

وضمن اطار تلك السياسة تم احلال وافدين من منطقة الشرقاط، قادمين من جنوب الموصل، محل القرويين الكورد الأصحاب الحقيقيين للأرض والذين سبق تهجيرهم قسرا من قرية كورزايي. طرد الفلاح والمزارع الكوردي العراقي واحلال المزارع العربي العراقي محله، سياسة منافية لروح المواطنة وتتقاطع بشدة مع العدل والمساواة. بعد سقوط النظام السابق عام 2003، ترك المستوطنون القادمون من الشرقاط القرية رافقه تلقيهم تعويضات مجزية وكذلك وقّعوا سندات رسمية تبين انهم ليسوا مالكو أراضي القرية وتعهدوا بالعودة الى أماكنهم الأصلية وارجاع الأراضي الى أصحابها الأصليين.

ضمن اجراء غير منتظر تحجج المستوطنون في الأيام الأخيرة بسندات زودتهم بها بعض الدوائر ذات العلاقة وعادوا يطالبون بالاستيلاء على أراضي القرية من دون أية وجهة حق. تصدى سكان القرية الاصليون من الفلاحين والمزارعين الكورد لهذا الأجراء المجحف وأعلنوا عدم تنازلهم عن أراضيهم وأملاكهم للمستوطنين القادمين من محافظة اخرى لغرض الاستيلاء على أراضيهم وأملاكهم. وكانت حجة المستوطنين بأن الحكومة العراقية أبان حكم حزب البعث منحتهم أراضي قرية كورزايي كتعويض عن أراض لهم في الشرقاط أقامت عليها الحكومة معسكرا للجيش.

تعويض عجيب واجراء في غاية الغرابة، يتم فيه طرد فلاح عراقي من أرضه على خلفية انتماءه القومي ومن ثم تمنح أراضيه وأملاكه لفلاح آخر يتم استقدامه من محافظة اخرى وتوطينه في أراضي الفلاح الكوردي الذي تم تهجيره قسرا لا لسبب سوى كونه كورديا. ان الحكومة العراقية الحالية مدعوة لمعالج ملف الأراضي التي تعرضت للتغيير الديمغرافي أبان سلطات البعث وبشكل جذري من اجل نزع فتيل الاضطرابات والصراعات التي قد تندلع بسبب تركة وظلال السياسات العنصرية للسلطات العراقية السابقة، وايضا من أجل احقاق الحق وتثبيت العدل وارساء العدالة وانصاف من تم التجاوز على حقوقهم وتمت مصادرة املاكهم بقرارات مجحفة من السلطات العراقية السابقة.

ومن المهم جدا، توجيه خطاب من مجلس الوزراء العراقي الموقر الى دوائر القضاء ورؤساء الوحدات الادارية في كركوك وباقي المحافظات التي تعاني من هكذا مشكلات، تؤمرهم فيه بعدم التعامل مع هكذا قضايا معقدة تستوجب المعالجة الدستورية وفق القوانين والضوابط التي تضمن رفع الحيف والظلم عن المظلومين.

 

 

باسنيوز

Top