• Friday, 17 May 2024
logo

الانتخابات بين الممارسة الشكلية وحاجة المواطن والقدرة على التغيير

الانتخابات بين الممارسة الشكلية وحاجة المواطن والقدرة على التغيير

علي البياتي

الانتخابات أصبحت ممارسة شكلية ومظهر من مظاهر العملية الديمقراطية العوجاء في العراق، فهي تسمح فقط بتبادل الادوار بين الاطراف القوية الموجودة اصلاً، ولا تعطي المجال لأي طرف آخر جديد قد يجد ثغرة في الانتخابات لكي يصعد لمنصة التمثيل، لأن ببساطة عامل الارقام والاشخاص ليس هو المؤثر الوحيد، بل ان هنالك أدوات تأثير أخرى داخلية وخارجية هي التي تلعب الدور الأساسي في رسم خريطة الحكم والحاكم وتوزيع الثروة والنفوذ والتأثير.

بالنسبة للمواطن المحروم من كل الحقوق الاساسية، وأمام أسباب اليأس الكثيرة والتجارب السابقة والمانعة له من المشاركة، قد يجد فيها في أحسن الأحوال الطريقة الوحيدة لإيجاد شخص يكون وسيطاً بينه وبين السلطة (المعزولة عن المواطن)، مع ان ذات الشيء غير مضمون كثيراً، ولكنه أشبه برمي صنارة في البحر عسى ان تصيد سمكة! وهي عملياً منطقية! لو صدق مرشحهم معهم!

لو اخذنا المرشح نفسه في اي انتخابات تشريعية او محلية، نراه لا يعد ناخبيه بتشريع قوانين او مراقبة السلطات او القيام بالدور الاساسي كجزء من هذه المؤسسة التشريعية او الرقابية التي تؤسس للدولة ولنظام الدولة، وانما يخاطبهم، بتبليط الشارع، وتزويد محولة الكهرباء، او بالتعيين، او التدخل للأمور الشخصية الخاصة، علماً أن الكثير من الخطوات التي يقوم بها المرشح أو يواعد ناخبيه بها، هي مسؤوليات تنفيذية محلية أو واجبات مؤسسات أخرى، أو عمل بامكان أي معقب معاملات القيام بها، ولعل بهذا الخطاب هو يثبت وبشكل علني انه مساهم او سيساهم في تقويض واضعاف دور المؤسسات التنفيذية او التدخل في عملها، بدل مراقبتها او تهيئة الأسس التشريعية لعملها، او محاسبتها، وفي أحسن الاحوال، يخاطبهم بتأريخ عائلته أو جهاده، وكأننا في مسابقة "أحسن السير الذاتية"، أو في "جلسة خطوبة"، وليس التنافس لإدارة دولة!

ويبقى السبب الأساس العلمي في عدم الثقة بتأثير نتائج الانتخابات، على الواقع وامكانية التغيير هو وجود مراكز التأثير والقرار خارج اطار الدولة، والتي لها جذور داخل الدولة، وتتغذى من الدولة، ومدعومة من مراكز قرار اقليمية ودولية، والتي تفكر بمصالحها قبل مصلحة العراق، وكنتيجة هنالك دور هامشي لكل مؤسسات الدولة، في احداث التغيير، والتي تتحول يوما بعد اخر الى هيكل خارجي تتصارع داخله كيانات اللادولة.

ومع ذلك، وبمرارة نقولها، إن عدم اجراء هذه الفعليات الشكلية، أسوأ بكثير من اجرائها، وأكثر ضرر على الوضع العام، لأنها ستكون الطريق الأسرع الى السلطوية الأحادية مرة أخرى، بدل السلطوية المتنوعة التشاركية المحدودة الحالية.

النظام السياسي الديمقراطي يستلزم أدوات سياسية ديمقراطية، (وليس زعماء وافراد وعوائل حاكمة كما في العراق) يعني مؤسسات حزبية تمارس العملية الديمقراطية داخل الحزب اولاً، وتنتج قيادة حقيقية من خلال الاليات الديمقراطية داخل الحزب، ثم تتحول الى ممارسة الدور داخل الدولة مروراً بالانتخابات.

وختاماً، تبقى الانتخابات في اكثر الدول ديمقراطية ليست كل شيء، وكما يقول نيلسون مانديلا، الزعيم السابق لجنوب أفريقيا إن "تصويتنا لا يكفي لوحده. نحن بحاجة إلى العمل بجد، والاحتجاج، وحشد المواطن لإحداث التغيير الذي نريده"، وهذا يعكس رؤيته، لأن الانتخابات وحدها لا تكفي لتحقيق التغيير الحقيقي.

 

 

 

روداو

Top