• Friday, 17 May 2024
logo

صعود اليمين المتطرف الاسباب والتداعيات : دراسة تحليلية

صعود اليمين المتطرف الاسباب والتداعيات : دراسة تحليلية
اعداد : ريناس بنافي – باحث في الفكر السياسي والاستراتيجي
المركز الديمقراطي العربي

المقدمة:
يعد بروز اليمين المتطرف على الساحة السياسـية الأوروبيـة إحـدى أكثـر الظـواهر السياسـية أهميـة خلال العقدين الأخيرين من القـرن المنصـرم في أوروبـا. وهـذه الظـاهرة ليسـت علـى مسـتوى واحـد في أوروبـا كلها، ذلك إنها متغيرة من دولة إلى أخرى، ومن وقت لآخر. فإذا كانت بعض الدول مثل فرنسا وايطاليـا وبلجيكـا وهولنـدا والنمسـا تواجـه وضـعا يـؤثر بعمـق علـى نظمهـا السياسـية، فـإن دول أخـرى علـى العكـس مثل بريطانيا واليونان والسويد ما تزال حتى الآن متجنبة هذا المد المتطرف.
فضـلا عـن ذلـك فـإن أحـزاب اليمـين المتطـرف في أوروبـا وعلـى الـرغم مـن إنهـا تشـترك بعـدد مــن الأهــداف أو الشــعارات المشــتركة، مثــل معارضــة الهجــرة، ومعــاداة الأجانــب، وانتقــاد الطبقــة السياســية الحاكمة، فإنها تبدي في الوقت نفسه اختلافات غير قليلة تعوق أحيانا تقاربا على المستوى الأوروبي.
يشهد موقع اليمين المتطرف على الخريطة السياسية في العالم الغربي تذبذبات ملحوظة من وقت لآخر، بحيث يتراوح المشهد السياسي للغرب ما بين كونه بوتقة صهر تقوم على الديمقراطية والحرية، مقابل بيئة طاردة ترفض الآخر المختلف، وتنتهج العنف ضده في بعض الأحيان.
تجدر الإشارة بداية إلى عدم وجود اتفاق واضح حول تعريف جامع لليمين الراديكالي أو المتطرف، وإن كان هناك شبه اتفاق حول الخصائص والسمات المشتركة لهذه الظاهرة؛ إذ يشكل العداء للأجانب، ورفض الأقليات وفكرة التعددية الثقافية والدفاع عن هوية إثنو–وطنية وعن التقاليد القومية التاريخية والدعوة إلى الحد من الهجرة، القاعدة المشتركة لأي برنامج سياسي لحزب يميني متطرف. كما تشترك هذه الأحزاب في موقف موحد تجاه الحد من الهجرة، بحيث تصور المهاجرين في صور عدة، منها تهديد الهوية الإثنو–وطنية والتسبب في البطالة والجريمة، وغيرها من مظاهر غياب الأمن الاجتماعي واستغلال ما توفره دولة الرفاه.
ويبدو أن العالم الغربي يشهد في الفترة الأخيرة، لاسيما خلال العام 2014، حالة من الصعود المتنامي لوزن قوى اليمين المتطرف، ويتخذ منحنى الصعود في هذا السياق مظاهر عدة، وهو ما يمكن تفسيره في ظل مجموعة مختلفة من العوامل، كما يمكن أن تكون له تداعيات مختلفة على مستويات متباينة، وهي النقاط الأساسية التي يمكن التوقف أمامها في هذه الورقة.
الواقع أن هذه الأحزاب فى الوقت الحاضر لم تعد ظاهرة هامشية في المشهد السياسي الأوروبي، بل إنها أصبحت ذات ثقل شعبي معتبر، وطرفا ثابتا في المعادلات الانتخابية، وفاعلا سياسيا يتزايد تأثيره في صياغة الرأي العام الأوروبي خاصة بعد تفشى ظاهرة الهجرة غير الشرعية وموجات الإرهاب التى تضرب المدن الأوروبية، ولا تجرؤ هذه الأحزاب عادة على المطالبة الصريحة بنظام مؤسسي غير ديمقراطي، لكن أبرز قواسمها المشتركة هو نفورها من النظام الديمقراطي وعداؤها للطبقة السياسية التقليدية، ومواقفها في هذا الميدان تميل غالبا إلى تبنى خيارات نيوليبرالية تعارض أي دور للدولة في إعادة توزيع الثروة أو توجيه دفة الاقتصاد، كما تتجلى نزعتها اليمينية عبر صراعها مع قوى اليسار
شيوعية واشتراكية، وينطلق مفهوم الوطنية هنا من منظور عرقي -عنصري أحيانا- يميل إلى إقامة فكرة المواطنة على أساس القرابة الدموية، كما يمتاز الخطاب الوطني لدى هذه الأحزاب بصياغته العدوانية ونزعته الإقصائية التي تكشف طبيعته الشوفينية واعتماده على فكرة النقاء التاريخي، وتنحو بنشاطاتها منحى شعبويا ديماغوجيا في الشكل والمحتوى
وهو ما يظهر في ميلها المفرط إلى الصدام والمواجهة مع القوى السياسية التقليدية، وسعيها لاستغلال مشاعر القلق وعدم الرضا لدى المواطن العادي، ويبدو أنها وجدت ضالتها في موضوع الهجرة متخذة من التحريض ضد المهاجرين والأقليات المحور المركزي لإستراتيجيتها الدعائية ولها موقف مشترك “على العموم” ضد المسلمين وهاجسها يتجلى فيما يعرف بالإسلاموفوبيا حتى انهم ذهبوا بعيدا لاقتراح منع المسلمين بالذات من الهجرة الى الى الاتحاد الاوروبي وغلق الابواب بوجوههم نهائيا وهو ما جاءت ترجمته فى مواقف ترامب الأخيرة، لذا فإن الهاربين من الجحيم في الشرق الاوسط، وجدوا انفسهم في موقع الاتهام في اي مآساة تحدث في البلاد التي حلوا فيها، ومع كل هجوم إرهابي، فإن اليمين الأوروبي يعمد لتحميلهم المسؤولية عن هذه الجرائم، عن طريق التعبئة الإيديولوجية، وإثارة إشكالات حول جذور العنف في الإسلام و”الإرهاب الإسلامي”، وعدم قابلية الإسلام للإندماج مع الثقافات الوطنية الأوروبية ومناعة الإسلام ضد العلمنة ومعارضة القيم الإسلامية للقيم القومية الأوروبية، إن الصعود المسجل الآن لا يمثل نجاحا لهذه الأحزاب بقدر ما يعتبر فشلا لطبقة سياسية أصابها الترهل ونال منها الفساد، وعرضا لمأساة مجتمعات أوهنتها الشيخوخة وتعرضت لأزمة قيم واتخذت من القلق الاجتماعي، والاستياء السياسي، والتردي الاقتصادي والمخاوف حول مستقبل الهوية “الإثنو- وطنية” أساسًا لإنتاج خطابها.
معنى اليمين المتطرف واليمين الشعبوي محاولة للفهم:
يجب استحضار معنى يمين ويسار في الخطاب السياسي الحديث.
أن كلمة “اليسار” ظهرت كمصطلح سياسي عندما استعملت أول مرة في أحد برلمانات أوربا، إشارة إلى النواب الذين كانوا يجلسون على يسار الرئيس، بينما سمي الذين كانوا على يمينه بـ “اليمين”. وكان من المصادفة أن الذين كانوا يجلسون على يساره كانوا يمثلون بصورة عامة الطبقة العاملة والقوى الكادحة على العموم، في حين كان الذين يجلسون على يمينه يمثلون قوة الرأسمال والأغنياء وأصحاب الأموال على العموم أيضا. من هنا إذن بدأ مصطلح “اليسار” يأخذ مضمونا أو بعدا إيديولوجيا، فصارت إيديولوجيا اليسار تعبر بصورة أو بأخرى عن هذه الواقعة الاجتماعية. وعندما انتشرت الماركسية بين صفوف المثقفين وصفوف العمال، وكان هذا في أوربا بطبيعة الحال، ارتبط اليسار نوعا ما من الارتباط بالفلسفة الماركسية نفسها. وبما أن رجال الكنيسة عموما كانوا مع القوى القديمة أي مع القوى المالكة لزمام الأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أي مع اليمين، فلقد صنفت الكنيسة وبالتالي الدين بالمفهوم الأوربي مع اليمين وربط به، بينما اعتبر اليسار ممثلا لتلك الطبقة الكادحة وعلى العموم للفئات الاجتماعية المتحررة نوعا ما من الهواجس الدينية.
هكذا إذن، أصبح مفهوم يسار/يمين ذا بعدين، بعد اقتصادي يتحدد أساسا بالعلاقة مع وسائل الإنتاج (بملكيتها: اليمين، أو عدم ملكيتها: اليسار)، وبعد إيديولوجي يتحدد أساسا بنوع النظرة الميتافيزيقية للكون، النظرة الدينية (اليمين)، والنظرة المادية الموسومة بالعمالية (اليسار). وبالارتباط مع هذين البعدين، ومع البعد الإيديولوجي بصفة خاصة، ظهر مرادفان، أو رديفان، لمصطلح يسار/يمين هو مصطلح تقدمي/رجعي، فأصبحت التقدمية سمة لليسار والرجعية سمة لليمين. وحيثما يكون البعد الاقتصادي في التصنيف ضعيفا أو منعدما كان البعد الإيديولوجي يقوم مقامه، وهكذا غدا التقدمي هو المتحرر دينيا، والرجعي هو المتمسك بالدين. فصار التقدمي بهذا المعنى يساريا حتى ولو لم يكن من صفوف الكادحين، وصار الرجعي بهذا المعنى أيضا يمينيا، حتى ولو لم يكن من صفوف الأغنياء.
وتعزز هذا التمييز المزدوج مع قيام الاتحاد السوفيتي وتزعمه للمعسكر الاشتراكي على الصعيد الدولي أي للطبقة العاملة كطبقة واحدة عبر العالم: “أيها العمال في جميع أنحاء العالم اتحدوا”. فأصبح اليسار –أو مصطلح اليسار- يتحدد إضافة إلى ما سبق بالارتباط مع الاتحاد السوفيتي، واليمين يتحدد بالارتباط مع الغرب الرأسمالي. هكذا أضيف بعد ثالث هو البعد الدولي إلى مضمون يسار/يمين.
وسيلعب هذا البعد الدولي دورا هاما خلال حقبة ما سمي بالحرب الباردة بين المعسكرين، إذ سيصبح الانتماء إلى اليسار يتحدد أساسا بمناصرة الاتحاد السوفيتي، والانتماء إلى اليمين يتحدد بالارتباط بالغرب الرأسمالي! وسيلعب هذا البعد الدولي دورا كبيرا وخطيرا في العالم الثالث حيث تحتفظ القبيلة والطائفة بمكانة في المجتمع تسمو أحيانا على مكانة الطبقة، نظرا لضعف الاقتصاد وتخلفه وغياب طبقة عاملة حقيقية صناعية تستحق هذا الاسم، وغياب طبقة رأسمالية مالكة لوسائل الإنتاج. فصار اليسار إذن يدل على انتماء دولي أكثر منه تعبيرا عن واقع اقتصادي اجتماعي! لقد أصبح دالا على مشروع مستقبلي يتحقق “في الحاضر”، في الاتحاد السوفيتي. وبما أن الاتحاد السوفيتي قد قام من أجل تحقيق الاشتراكية، فلقد ارتبط الكفاح من أجل الاشتراكية بالانتماء إلى معسكره. وصارت مناصرته مؤشرا على الاختيار الاشتراكي. (1)
ويذكر المفكرعزمي بشارة الفرق بين اليمين المتطرف واليمين الشعبوي، بقوله إن اليمين المتطرف حركة نخبوية تطرح أفكاراً غالباً ما تكون إيديولوجية يصعب على المجتمع التكيف معها، أما اليمين الشعبوي فلا تهمه الإيديولوجيا بقدر ما يهمه مخاطبة مشاعر قسم كبير من المجتمع واجتذاب الفئات الموجودة على هوامشه. وبحسب بشارة؛ فإن ترامب ليس يمينياً متطرفاً بل هو شعبوي، وتكوينه الشعبوي هو أقرب إلى الفئات اليمينية.
من هم اليمين المتطرف؟
اليمين المتطرف مصطلح سياسي يطلق على الجماعات والأحزاب لوصف موقعها من المحيط السياسي، والفرق بين اليمين التقليدي واليمين المتطرف أن الأول يسعى للحفاظ على التقاليد وحماية الأعراف داخل المجتمع، والثاني كذلك ولكن الاختلاف يكمن في أن الثاني يدعو للتدخل القسري واستخدام العنف للحفاظ على تلك التقاليد والأعراف.
ويمكن القول أن اليمين المتطرف في أوروبا يتصف بالتعصب القومي لجنسه، والتعصب الديني ومعاداة المسلمين خاصة والمهاجرين عامة وذلك لأنه يرى أن ما يحدث من جرائم وسرقات بسبب زيادة الهجرة وأن لدى المسلمين والأجانب عامة عادات وتقاليد جلبوها من بلادهم الفقيرة فلا يحبون أن تدخل مثل تلك العادات بلادهم.
ورغم أن تشكيلات ومشارب أحزاب اليمين المتطرف تختلف حسب السياقات الخاصة بكل بلد، فإنها تشترك كلها في خصائص عامة ومرتكزات إيديولوجية تميزه كتيار سياسي واحد ومتجانس، ومن هذه الخصائص النزعة الوطنية المفرطة والرافضة لكل أشكال الاندماج الإقليمي (كونفدرالية، اتحاد قاري… إلخ) بحجة حماية السيادة الوطنية.
كما أن لليمين المتطرف نزعة متأصلة نحو رفض الرأسمالية والليبرالية ليس لذاتهما وإنما خوفا من التحولات العميقة التي عادة ما تصاحبهما خاصة على مستوى القيم والأخلاق، بل إن اليمين المتطرف معروف بتحفظه على بعض مقتضيات مواثيق حقوق الإنسان في الغرب، ودافعه إلى ذلك ديني نابع في أساسه من التقاليد المسيحية.
ومن ناحية المشاركة السياسية يُمكن تقسيم اليمين المتطرف إلى أحزاب احتجاجية هدفها الأساس تسجيل مواقف وتعبئة مستمرة في صفوف أنصارها، من أجل تسويق خطاب تحريضي هدفه التشويش الإعلامي أكثرَ من التأثير في واقع الأمور، ويُطلق على هذا الصنف اسم “اليمين الشعبوي المتطرف”.
وهناك صنف آخر يتميز بقدر من الواقعية السياسية جعله يعدّل خطابه ليكون مقبولا لدى جزء من ناخبي اليمين في عمومهم، وملائما كذلك لمتطلبات الانخراط في الديمقراطية الليبرالية القائمة على التعددية وبالتالي الاختلاف.
وقد حققت هذه الأحزاب مكاسب سياسية هامة في العقد الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، وشاركت في حكومات وصارت ممثلة في برلمانات بلدانها وكذلك في البرلمان الأوروبي.
منذ ثمانينيات القرن العشرين، شهد اليمين المتطرف تحولا جذريا في أولوياته وبالتالي في أعدائهِ وحلفائه، ومعروف أن الحركات المتطرفة تستند إلى هذه الثنائية أكثر من استنادها إلى برنامج سياسي يمكنه أن يجمع حوله أطيافا واسعة من المجتمع.
وهكذا بدأ اليمين المتطرف يهتم أكثر فأكثر بموضوع الهجرة والاندماج مع تصدره النقاش السياسي في عدد من بلدان أوروبا الغربية ذات التقاليد العريقة في الهجرة بحكم الماضي الاستعماري، ثم بسبب الحاجة إلى اليد العاملة القادمة من وراء البحار في مرحلة الإعمار اللاحقة للحرب العالمية الثانية.
و بحلول تسعينيات القرن العشرين، باتت الهجرة الشغل الشاغل لليمين المتطرف الذي يُسوق إشكالاتها العديدة (وأولها الاندماج والهوية) لإضفاء قابلية على خطابه العنصري والمعادي للأجانب في حقيقته. وهكذا طوّر اليمين المتطرف خطابه ضد الهجرة لإكسابه حجية أقوى لدى قطاعات أوسع من المواطنين الأوروبيين.
الافكار والجذور الثقافية والايديولوجيا في تنمية المخيال اليميني:
إن وجــود اليمــين المتطــرف في الأنظمــة السياســية الأوروبيــة لم يكــن ظــاهرة جديــدة، ذلــك إن الفاشـية والنازيــة والقوميـة المتطرفــة هيمنـت علــى أوروبـا في حقبــة مـا بــين الحـربين العــالميتين، ودفعتهـا نحــو الحرب. أما المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، فقد بدأ اليمين المتطرف في الاختفاء عمليا مـن السـاحة .
إن الحركـات والأحـزاب المنتميـة لليمـين المتطـرف همشـت في أغلـب الـدول الأوروبيـة، وهنــاك ســببان رئيســان لهــذا الــرفض ، فمــن جهــة عــدت الأيــديولوجيتان الفاشــية والنازيــة والحركــات الــتي جسدتما أو دعمتهمـا مسـؤولة بدرجـة كبـيرة جـدا عـن كارثـة الحـرب العالميـة الثانيـة، ومـن جهـة أخـرى فقـد اتهمت وأدينت القوى السياسية لليمين المتطرف في البلدان التي احتلتها ألمانيا النازية، حيث انتهجت تلك القوى في أغلب الأحيان سلوكا تعاونيا مع المحتل.
وتعـد الهجـرة إحـدى الأسـس المهمـة في خطـاب اليمـين المتطـرف في أوروبـا ، فقـد كـان لتوظيـف قضـية الهجرة دور كبير في نهضة أحزاب اليمين المتطرف فضـلا عـن ذلـك فـإن البطالـة، والتـدهور الاقتصـادي، وفداحـة الضـرائب، ورخـاوة العدالـة، والمسـتوى السـيئ للنظـام التعليمـي طرحـت في خطـاب اليمـين المتطـرف أشـبه مـا تكـون “بالحزمـة الشاملة”،
إن جون ماري لوبان كونه أبرز المعبرين عن اليمين المتطرف في فرنسا على وجه الخصـوص، وأوروبـا عمومـا، رفـض بقـاء فرنسـا داخـل الاتحـاد الأوروبي ، كمـا طالـب بعـودة الفرنـك الفرنسـي، ومواجهـة العولمـة والهيمنـة الأمريكيـة، ودعـا إلى مـا أسمـاه “تفضـيل الـوطني قبـل الأجنـبي في الوظـائف، والفرنسـي في مواجهـة الأجنـبي في الخـارج.” وطالـب أيضـا بوضـع نظـام حمـائي شـامل ثقافيـا واجتماعيـا واقتصـاديا وسياسـيا يحـيط بفرنسا. فالتراث الفرنسي، بحسب لوبان، يجب تنقيته من “الشوائب” الـتي وضـعها المثقفـون الفرنسـيون مـن أصول غير فرنسية، وحمايته من الغزو الثقافي الأجنبي وتحديـدا الأمريكـي. كـذلك حمايـة المنتجـات الفرنسـية بفرض الضرائب الجمركية على البضائع الأجنبية، وحماية النظام السياسي والاجتماعي بعدم إعطاء الجنسية الفرنسـية إلا لمـن كـان أحـد والديـه فرنسـيا “أصــليا”، مـع طـرد الأجانـب جميعـا الـذين يعيشـون بصـورة غـير شرعية.
ومــن القضــايا المهمــة الــتي اهتمــت بــها أحــزاب اليمــين المتطــرف في أوروبــا هــي شــعبويتها ورغبتهــا في الانتشـار علـى نطـاق واسـع. ويتمثـل غرضـها في الوصـول إلى مختلـف الفئـات الاجتماعيـة والمهنيـة، وكـذلك مختلـف الفئـات العمريـة والنـاخبين جميعـا، سـواء مـن اليمـين أو اليسـار.
وأصبح المهاجر في نظر اليمين المتطرف هو السبب الرئيس لكل ما هو سيء: فقد ربط لوبان بين ظاهرتي زيادة نسبة المهاجرين الأجانب وارتفاع نسبة البطالة، وابتكر صورا مثيرة للسـخرية مـن أجـل الاسـتخفاف بالأجانـب والمهـاجرين المقيمـين في فرنسـا، فتـارة اتمهـم بـأنهم المسـؤولون وحدهم عن ارتفاع معدلات الجرائم في فرنسا ّ ، وتارة عـد المسـلمين مـنهم مصـدر تهديـد ثقـافي وديـني، وتـارة ثالثة وصف زيادة أعدادهم بالغزو الذي يهدد النقاء العرقي “الرجل الأبيض الفرنسي .
ويعد انعـدام الأمـن أيضـا ثابتـا آخـر مـن ثوابـت خطـاب اليمـين المتطـرف الأوروبي وبرامجـه ، ويـتم ربطـه بالقضية السابقة. حيث يدعي اليمين المتطرف إن اللصوص والمجرمين هم من الأجانب في الأغلب الأعم. (2)
ليس ترفاً أن نناقش الجوانب الثقافية لصعود اليمين الأوروبي. فهو صعود وإن كان ينبع ميكانيكيا بسبب الأزمات المتوالية للرأسمالية الأوروبية وبالتالي السياسة الأوروبية، إلا أنه محمّل بمسلّمات ثقافية عدة وحجج تاريخية مزيفة وإرث ثقيل من التمييز العنصري ضد الآخر. هذا الآخر الغير أوروبي غير المنتمي للحضارة الغربي حتى يومنا هذا ما يزال يوصف بالتخلف عن قيم عالمية معينة يحملها الغربي
فقط، وأن سبب هذا التخلف عند كثير من المثقفين الغربيين هو سبب يعود للأصول الثقافية التي يجئ منه الآخر. فقد يكون السبب هو الإسلام أو اليهودية، أو سبب يعود للأصول العرقية لكون هؤلاء عرب أو سود أم شرق آسيويون أو يهود. صنع الآخر في الفكر الأوروبي هو قديم قِدم الاستكشافات الأوروبية وانفتاحها على باقي العالم، مرورا بالاستعمار والرؤية الدينية للآخر غير المسيحي.
إن حركات اليمين المتطرف تشترك كلها في بعض الخصائص على الرغم من اختلاف القوميات من فرنسية، وألمانية، وانجليزية، وهولندية، وبلجيكية، الخ. من هذه الصفات كره اليمين المتطرف للحداثة السياسية والفكرية والأخلاقية. فهو عموما ضد الديمقراطية ولكنه يقبل بها رغماً عنه وبخاصة إذا كانت تعطيه الأصوات الكافية لانتخاب نوابه في البرلمان. في الواقع أنه كان ضد الديمقراطية والأنظمة البرلمانية حتى فترة قصيرة.
ولكنه غير رأيه مؤخرا لأن الديمقراطية أصبحت حقيقة واقعة لا مفر منها. فالأغلبية العظمى من الشعب في البلدان الأوروبية تؤمن بها ولا تقبل بأي نظام السياسي آخر كبديل عنها. ولهذا السبب فإن اليمين المتطرف استسلم للأمر الواقع مؤخرا وقبل باللعبة الديمقراطية. أما في السابق فكان يلجأ إلى القوة والعنف والضرب لتأكيد وجوده أو فرض أفكاره. يضاف إلى ذلك أن اليمين المتطرف متعصب قوميا أو دينيا وأحيانا الاثنين معا. ولذلك فهو يكره الأجانب الذين ينتمون إلى قوميات أخرى غير قوميته وأديان غير دينه. ومعظم حركات اليمين المتطرف عنصرية تؤمن بتفوق العنصر الأوروبي الأشقر «الجميل» في فرنسا، أو حركة اليمين المتطرف في هولندا، الخ. وأكبر مثال على ذلك النازيين الجدد في ألمانيا أو حركة جان ماري لوبن في فرنسا، أو حركة اليمين المتطرف في هولندا، الخ.
ويمكن القول إن أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا مجمعة على الأهداف التالية: أولا إيقاف هجرة الأجانب إلى أوروبا بل وحتى طرد الأجانب من أوروبا إذا أمكن. وثانيا الحقد على الطبقة السياسية التقليدية سواء أكانت من أحزاب اليمين أو اليسار على حد سواء. ويرافق ذلك كره الديمقراطية النيابية. وثالثا كره الاشتراكية والعدالة الاجتماعية بشكل عام وتأييد الرأسمالية على المستوى الاقتصادي.(3)
مؤشرات ودلالات واسباب صعود:
حظيت أحزاب اليمين المتطرف الأوربي باهتمام بالغ خلال السنوات الأخيرة، وسعى بعض الباحثين إلى تطوير مقاربات نظرية تحاول تفسير الظاهرة وتيسير فهمها.
ومن أبرز هذه النظريات:
1- نظرية الحرمان النسبي: وتميل إلى تفسير صعود اليمين المتطرف برغبة فئات محددة في الاحتجاج على ما تعتبره ضررا لاحقا بها جراء تحولات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ومن ثم فإن النجاح الانتخابي للأحزاب المتطرفة يعود إلى التصويت الاحتجاجي للفئات المذكورة أكثر مما يعبر عن قبول شعبي للظاهرة.
وهذا التفسير لا يخلو من وجاهة، لكنه يصطدم بحقائق مثل كون تشابه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في عدد من البلدان لم يؤد إلى نفس النتائج السياسية، ومثل التنوع الملحوظ في الخلفيات
الاجتماعية لناشطي أحزاب اليمين المتطرف وناخبيها، ناهيك عن أن هذه الأحزاب أصبحت تتمتع -كما هو الحال في فرنسا- بقاعدة انتخابية مستقرة ومتنامية باطراد.
2- نظرية السياسة الجديدة: ويرى أصحابها أن الأحزاب التقليدية لم تعد مؤهلة للاستجابة للمشكلات التي تطرحها المجتمعات الحالية، وأن المناخ السياسي يميل بالتدريج إلى إضعاف الروابط الحزبية التقليدية.
ويؤكد هؤلاء أن تراجع الثقة في الممارسة السياسية من شأنه أن يزيد فرص ظهور خيارات سياسية غير عادية، خاصة أن تغير القيم في المجتمعات المعاصرة تجاوز قدرة الخيارات التقليدية على مواكبة التحولات الاجتماعية واستيعابها.
مقتضى هذه المقاربة أن اليمين المتطرف ليس سوى ابن طبيعي للمجتمع الأوروبي الراهن، مثلما أن أحزاب الخضر اعتبرت حين ظهورها ابنا شرعيا لهذا المجتمع.
لكن نظريات السياسة الجديدة -وإن وفقت في رصد تأثير التحولات القيمية والبنيوية داخل المجتمع على الحياة السياسية- لا تقدم توضيحات كافية حول متى يحدث هذا التغيير ولا كيف تتغير تفضيلات الناخبين أو في أي اتجاه تتحول.
3- نظرية الطلب الاجتماعي: وفحوى هذه النظرية، القريبة من سابقتها والمكملة لها، أن نجاح اليمين المتطرف الانتخابي يعكس مصادفة خطابه لأهواء قطاعات اجتماعية عريضة عرفت خلال العقود الأخيرة انتشارا متزايدا لمشاعر التعصب العرقي والثقافي وكراهية الأجانب والضجر من قيم الحرية والمساواة والتضامن.
غير أن مشكلة هذه النظرية -مثل سابقتيها- أنها لا تقدم تفسيرا مقنعا لتفاوت مستويات النجاح الانتخابي لليمين المتطرف حسب البلدان، رغم تشابه أوضاعها وتجانس شعوبها من حيث المشاعر وأنماط السلوك والتوجهات الاجتماعية…
وكل ذلك يفيد بأن الظاهرة مستعصية على التأطير النظري المغلق، ومن ثم فإن فهمها واستيعاب أبعادها المختلفة يتطلب مقاربة أكثر تكاملا.
“الصعود المسجل الآن لا يمثل نجاحا لأحزاب اليمين هذه بقدر ما يعتبر فشلا لطبقة سياسية أصابها الترهل ونال منها الفساد، وعرضا لمأساة مجتمعات أوهنتها الشيخوخة وتعرضت لأزمة قيم” (4)
اما عوامل صعود اليمين المتطرف في أوروبا فيمكن ايجازها في :
مع نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات حدثت تغيرات كثيرة في أوروبا نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الشرقية متمثلة في حلف وارسو وتأسيس الاتحاد الأوروبي نتيجة معاهدة ماستريخت 1992، نتيجة لما سبق، فإن الدويلات التي ظهرت من انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت تعود لأصولها العرقية وهو ما ساهم في ظهور النزعة القومية عند الكثير من الأوروبيين وانضمام مثل هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي فيما بعد، في 2008، بدأت أزمة مالية عالمية اعتبرها البعض الأسوأ منذ الكساد الكبير 1929، أدت هذه الأزمة لانتشار البطالة والركود الاقتصادي، ومع زيادة الهجرة بدأ بعض
الأوروبيين ينظرون للمهاجرين كمزاحمين لهم في وظائفهم وخاصة المسلمين وهنا ظهرت دعوات للتضييق على المهاجرين ودعوات عدائية ضدهم.
وفي 2008 أيضًا، حدث حدث جليل فقد قامت الأحزاب اليمينية في أوروبا بخطوة جديدة في معاداة المهاجرين وخاصة المسلمين فقامت بإنشاء منظمة تهدف لمكافحة “الأسلمة” في أوروبا والتي حملت اسم “المدن ضد الأسلمة”.
ومن عوامل صعود نجم اليمين المتطرف أيضًا أن زيادة سرعة الاندماج الأوروبي أدى إلى زيادة المخاوف من أن ذلك الاندماج سيأتي على حساب الخصوصية الوطنية والمحلية.
في 2011 ومع بداية ما عرف بالربيع العربي، ظهرت عدة صراعات في الشرق الأوسط من الأزمة السورية إلى الأزمة الليبية واليمنية وظهور تنظيم الدولة الإسلامية وتدهور الأحوال المعيشية للمواطن العربي كل ذلك أدى لزيادة الهجرة واللجوء لأوروبا، ومع زيادة الهجمات الإرهابية من حادث تشارلي إيبدو إلى باريس إلى بروكسل وغيرها من الهجمات، وأيضًا مع زيادة منافسة المهاجرين على الوظائف الموجودة وفي ظل وجود نسبة بطالة، كل ذلك أدى لزيادة المخاوف عند الكثير من الأوروبين على هويتهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم وعلى الجنس الأوروبي وأيضًا الخوف من اختفاء دولة الرفاهية.
فهل نرى نظم حكم يمينية متطرفة في القريب العاجل؟ والسؤال الأهم كيف سيكون العالم بعد صعود أنظمة حكم متطرفة للسلطة؟ فآخر مره شهدنا فيها ظهور أنظمة متطرفة في أوروبا مثل النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا انتهت بحرب عالمية قتل فيها ما يقرب من 85 مليون نسمة.
أنَّ الحديث عن “اليمين المتطرف” أو”الشوفينية الوطنية المرضية” يحتل اليوم، كمفهوم سياسي أو “سوسيو – بوليتيكي” مساحات واسعة من الجدل النظري بشأن هذه الظاهرة السياسية المقلقة، إلَّا أنَّ الاتجاه عن الحديث حول تطرف اليمين هو الذي صار يسود، مع الوقت، بالقياس إلى شدة التطرف في سياقات الخطابات نفسها من جهة، وانتماءات الخيارات الإيديولوجية لهذه التوجهات إلى نزعات سياسية يمينية ما فتىء يقاومها اليسار وتقوم بالدرجة الأولى على خطابات وطنية وخيارات محلية، سواء بالقياس إلى الهموم الثقافية، أو الاقتصادية أو الهوية السياسية للدولة الوطنية من جهة أخرى وهي الخيارات التي لا تقلق الإيديولوجيات اليسارية بذاتها، وإن اشتركت معها في بعض الرهانات المرحلية لـ”دولة وطنية” قائمة.
يعتمد الخطاب الشوفيني، الذي يوظفه اليمين المتطرف في معاركه السياسية والانتخابية بواسطة الإعلام الوطني، على إشكالية الهوية الثقافية وتهديدات العولمة أو الهجرة أو الاختلاط المتعسف، لخصوصيتها الحضارية واللغوية بل الوطنية، معتمداً ذلك كأهم سلاح لترويج برنامجه الشوفيني المتطرف، مقدماً مسألة”الانغلاق” على الوطن والأمّة وإغلاق الحدود ومنع دخول الأجانب – بل وطردهم من البلد- كأهم وسيلة لحماية “الهوية الوطنية” الغالية، وهو الخطاب الذي يذهب في هذا الاتجاه إلى درجة عداء الجيران الأوروبيين أنفسهم، والمطالبة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، أو إلغاء التداول بالعملة الأوروبية الموحدة.
على أنَّ حروب هذه التيارات الشوفينية في أوروبا تقوم، بالدرجة الأولى على عداوة العرب والمسلمين، وذلك في سياقات خطابية وإيديولوجية متعسفة ضد الإسلام وحضارته، وتقديمه كتهديد مباشر للهوية
المسيحية لأوروبا من جهة، وكتهديد ديمغرافي سيجعل من أوروبا قارة مسلمة في القريب العاجل، بالقياس إلى ارتفاع معدلات الولادات عند الأسر المسلمة المستقرة في فضاءات هذه القارة من جهة ثانية، بخاصة وأنَّ نسبة المسلمين في أوروبا صارت تفوق العشرين مليون نسمة، منهم ستة ملايين في فرنسا وحدها.
ولكن هل يكفي تهديد الهجرة أو المهاجرين، أو الوجود الإسلامي في أوروبا لتفسير صعود التيارات اليمينية المتطرفة في المشهد السياسي الأوروبي؟
المهاجرون وصعود الخطاب السياسي المتطرف:
يذهب هانز جوج بتز، في تحليله لمحاولات ربطه تطرف الخطاب اليميني بإشكالية الهجرة (ورقة مقدمة لمؤتمر الجمعية الفرنسية للعلوم السياسية للعام 1999 في مدينة رين الفرنسية)، إلى أنَّ أحد أهم التحليلات التي يقدمها المنظِّرون لإشكاليات صعود أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، هي التأكيد على علاقة ذلك بارتفاع أعداد المهاجرين الذين صاروا يتوافدون على الفضاءات الأوروبية مع أعوام الثمانينيات، وهي الفترة التي شهدت أعلى معدل للنمو الإقتصادي في أوروبا. وهكذا، فقد تزامن هذا الصعود لتيارات اليمين المتطرف في أوروبا مع هذه الفترة بالذات، وهو إنَّما صار يتأكد عبر نتائج انتخابية ذات دلالة مع انعكاسات الوضع الاقتصادي الاجتماعي العام نتيجةً للهجرة، وللعمالة الأجنبية المتكدسة في أوروبا على الوضعين الاقتصادي الاجتماعي في المجتمعات الأوروبية نفسها.
وإنَّ ظهور هذه الأحزاب المتطرفة بالتالي، هو مجرد خيار سياسي مضاد للهجرة، كما يذهب البرنامج السياسي لهذه الأحزاب لتقديم نفسها. “فالبرنامج الأساسي للجبهة الوطنية في فرنسا ارتكز على مشروع مقاومة الهجرة الأجنبية وطرد كل الأجانب من البلد، ونهض حزب ريببلييكانز(الجمهوري) الألماني المتطرف على هذه الفكرة نفسها، وهو ما ذهب إليه أيضاً حزب مالمس بلوك في بلجيكا، أو حزب الأمَّة الواحدة في أوستراليا، أو حزب نيوزيلندا أولاً في نيوزيلندا”.
تذهب تحليلات اخرى لتفسير إشكالية الخطاب الشوفينية عبر ربطها بتهديدات العولمة التي تتسبب في توليد مشاعر من القلق الوجودي عند شرائح المجتمع المختلفة، مردها الخوف من المستقبل، مع ما تحملة رياح العولمة وتساقط بنية الأنظمة الاقتصادية القائمة، وسطوة نظام القطب الواحد. وهي المخاوف التي يوظفها زعماء اليمين المتطرف للتهويل من خطر الولايات المتحدة باعتبارها الوحش الكاسر الذي سيسيطر على العالم، ويحول بقية شعوب الأرض إلى مجرد عبيد في هيكلية اقتصادية المهيمن.
ويعني ذلك أنَّ العمال أنفسهم، الذين كانوا يشكلون في السابق القاعدة العريضة لأحزاب اليسار (الاشتراكي أم الشيوعي)، تحولوا اليوم للتصويت إلى أحزاب اليمين المتطرف، نتيجة خطاب هذه الأحزاب الذي يناضل ضد العولمة، والاقتصاد المفتوح.
يضاف إلى هذا العامل الاقتصادي، عامل الهوية الثقافية للمجتمعات القائمة. فالاتحاد الأوروبي يُقدَّم اليوم، على سبيل المثال، في برامج اليمين المتطرف باعتباره تهديداً للغات والثقافات الوطنية، وإنَّ أوروبا بشكل عام ستصهر مع الزمن جملة الخصوصيات الثقافية لمختلف الدول لصالح لغة واحدة سائدة قد تكون الألمانية أو الإنكليزية! وإنَّ اختفاء الهوية الثقافية، والخصوصية الوطنية (متمثلاً في العملة
الوطنية) سيؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء الهوية الوطنية كلياً، ونهاية التاريخ الوطني لشعوب أوروبا، مؤسساً لبداية عصر جديد، ستتحول فيه العولمة بنفسها باباً لسيادة أميركية مطلقة لا يرضاها الضمير الأوروبي المهدد.(5)
الظروف الاقتصادية التي واكبت حكومات اليسار:
ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية بظلالها على القارة الأوروبية فتسببت بعرقلة محاولات النمو التي قامت بها الحكومات اليسارية القائمة، خلال العقد الأخير من القرن الماضي. وهو النمو، الذي واكبه ارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة، وتفاقم المشاكل الاقتصادية وانتشار الفقر والحاجة بين الطبقات القاعدية للمجتمع، إذ عاشت ألمانيا بالذات إشكاليات مرحلة ما بعد الوحدة الوطنية بكل ما حمله الشطر الشرقي للبلد من مشاكل اقتصادية واجتماعية مزمنة. وهو ما قدم لخطابات اليمين المتطرف فرصة من وزن خاص لزركشة برنامج معارض “وطني متطرف”، يطرد الأجانب من البلد ويعطي لأبناء الوطن العاطلين عن العمل فرصة مهمة وحاسمة.
غير أنَّ هذا التفسير بحد ذاته لا يصمد كثيراً أمام النقد نظراً لوجود مجتمعات أوروبية أخرى لا تعاني من أي تباطؤ اقتصادي مثل النمسا أو الدانمارك حيث شهدت فضاءاتهما صيحات شوفينية ملعلعة من دون أن يكون العامل الاقتصادي المحرك الأساسي وراءها.
المسألة” الأمنية” وتداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر –
تطرح التحليلات المختلفة لظاهرة صعود الخطاب اليميني المتطرف في أوروبا ورقة “التهديد الإسلامي” أو تهديد الإرهاب الإسلامي وخطر الآخر، إضافة إلى انعكاسات حروب العالم على الفضاء الأوروبي. وهذه التحليلات التي ترتكز بالذات على توظيف أحداث الحادي عشر من أيلول-سبتمبر-، وكيف أنَّها خلقت نوعاً من المناخ المأساوي- المتهدد بأخطار الإرهاب، بخاصة وأنَّ الإعلام الأوروبي- ويقوده في هذا الاتجاه الإعلام الأميركي- قد جعل من هذه القضية حديثه الأساسي، ومادته التي لا يحاول تغييرها، ومما زرع في قلوب الناس حالة من القلق اللامحدود، والتخوف من الآخر والشك في نوايا المسلمين المتواجدين على أراضي البلدان المضيفة لهم. هذا عدا عن الخوف من ركوب الطائرات التي تأتي أو تذهب نحو الفضاءات العربية، إلى غير ذلك من المظاهر التي تترجم بالدرجة الأولى مشاعر الخوف من “إرهاب المسلمين”!
وهذا هو المعنى نفسه الذي يوظفه الخطاب الشوفيني في برنامجه السياسي الذي يقول بضرورة طرد المسلمين من أوروبا، وإغلاق الحدو أمام الزحف الإسلامي على الأراضي الأوروبية، والدعوة للحرب الصليبية ضد الإسلام والمسلمين.
لكن هذه التيارات قابلها الشارع الأوروبي، نفسه، بحركات معارضة ضخمة أطبقت بعنفوانها على هذه النداءات البائسة، عبر حركة رفض عارمة، أكثر ما تمثلت في فرنسا (عقب وصول زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبان للدورة الثانية لانتخابات الرئاسة في الخامس من أيار- مايو- الماضي) حين نزلت شرائح الشعب الفرنسي كافة إلى الشارع تنديداً بهذا الخطاب المغرض والخالي من أية مصداقية تاريخية.
اختفاء الحدود بين خطابات المشهد السياسي:
يُرجع بعض التحليلات نجاحات بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحصول على أصوات الناخبين، إلى غياب الخط الفاصل بين برامج الأحزاب الإيديولوجية المختلفة. فلم يعد ثمة من فارق أساسي اليوم بين برامج كل من اليسار واليمين، وصارت الحكومة الأوروبية الحالية تنهض على هيكلية فسيفسائية تجمع أكثر من تيار، وأكثر من توجه إيديولوجي، يصعب القبول بقدرتها على اتباع سياسة وطنية موحدة ومتوازنة. وصارت التعارضات القائمة بين اليسار واليمين التقليدي تذوب في جملة الخيارات السياسية الجديدة كالشراكة الأوروبية، أو التحالف مع أميركا، أو حتى في سياسات التعايش بين رئيس جمهورية يساري ورئيس حكومة يميني أو العكس.
صار الحديث في سياق المشهد السياسي، ينحو على الأكثر لحفر مفاهيم جديد تؤسس لمعاني “الرأسماشراكية” أو الإشتراكو رأسمالية”، وهو ما يدعو بعض شرائح الشعب الغاضبة والثائرة على تقاعس برامج الأحزاب التقليدية بشأن مشاكلها الأساسية العاجلة، للتصويت إلى التوجهات الراديكالية، سواء اليسار المتطرف، أو اليمين المتطرف، وقد صار هذا الأخير- بالقياس إلى تدخل جملة من العوامل العالمية المشار إليها- يحظى بنصيب الأسد من هذه الأصوات الغاضبة التي تحاول، بسحب ثقتها من الأحزاب التقليدية، أن تسجل نقطة حاسمة ضد الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي الذي ذهبت حتى هذا التاريخ ضحية له.
مع ذلك، ورغم كل ما يمكن أن تحقق هذه الأحزاب من كسب لأصوات الناخبين صعوداً وهبوطاً، فإنَّها لن تؤسس بأي حال-وفق منطق طبيعة الحدث السياسي وصيرورته- لأي استمرارية سياسية فاعلة، فهي بالدرجة الأولى تعتمد منظور ديماغوجي لا يصمد أمام مصداقية الفعل التاريخي. وهكذا فإنَّ دورها الوحيد والممكن- بالقياس إلى التتابعية التاريخية للأشياء- هو ما تكشف عنه من أوجاع الناس وإحباطاتهم، وفقدان للثقة في وعود الساسة والسياسيين. إنَّها على نحو ما، تمثل “عثرة” نافعة ولحظة وجع تاريخي لإيقاظ الضمير “الديمقراطي”، الذي تكاسل في زحمة الرتابة السياسية ولجأ إلى المعارضة السلبية. هذه اليقظة هي التي ستؤسس للفعل السياسي- الأوروبي القادم.
شهدت أوروبا في الفترة الأخيرة العديد من الأحداث التي تؤشر إلى صعود قوى اليمين المتطرف، ويمكن في هذا السياق التمييز ما بين مستويين لصعود اليمين المتطرف في أوروبا، أحدهما على مستوى ممارسات العملية السياسية، فيما يتجلى المستوى الآخر على المستوى الشعبي. (6)
1- على مستوى الممارسات السياسية:
نجحت قوى اليمين المتطرف في تعزيز شعبيتها بالاستحقاقات الانتخابية في عدد من الدول الأوروبية، مثل السويد والمملكة المتحدة وفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا، فيما أصبح حزب يميني شريكاً في الائتلاف الحاكم بالدانمارك.
يُضاف إلى ذلك، بروز حزب ألمانيا القومي الديمقراطي الذي يُطلق عليه “النازية الجديدة”، إذ استطاع الحزب المسيطر على مدينة درسدن الحصول على 1.3% في الانتخابات الأخيرة، فضلاً عن مقعد داخل البرلمان الأوروبي من ضمن 96 مقعداً مُخصصاً لألمانياً.
2- على المستوى الشعبي:
يظهر صعود قوى اليمين المتطرف في عدد من المؤشرات، ففي فنلندا شكَّل متطرفون جماعة أطلقوا عليها “جنود أودين”، يجوبون الشوارع لحماية المواطنين الفنلنديين من خطر المهاجرين وما أسموهم “الغزاة المسلمين”. كما شهدت ألمانيا تكوين مجموعة مشابهة تُعرف إعلامياً بمجموعة “فرايتال”، وهي تدَّعي أن “الدولة عاجزة عن حمايتنا، وأن مشكلة اللاجئين يجب أن نتولاها بأنفسنا”.
وعلى صعيد متصل، تشهد بعض الدول الأوروبية زيادة في جرائم عنف اليمين المتطرف، ففي النمسا ذكر تقرير صادر عن جهاز المخابرات الداخلية أن عدد الأعمال المتطرفة لليمين في عام 2015 بلغ 1150 قضية، مقارنةً بحوالي 750 في عام 2014، وتتراوح بين إطلاق الألعاب النارية على مراكز إيواء المهاجرين والتحريض على العنف عبر الإنترنت.
وأيضاً في ألمانيا، ارتفع مستوى جرائم العنف ذات الدافع اليميني السياسي أكثر من 40% في عام 2015 مقارنةً بالعام السابق له، كما ازدادت أعمال العنف ضد منازل إيواء اللاجئين لتبلغ 177 جريمة في عام 2015 مقارنةً بنحو 26 جريمة في عام 2014.
تنقسم الأسباب إلي اقتصادية وسياسية وأمنية (الإرهاب):
ثمة مجموعة من العوامل أدت إلى رفع أسهم قوى اليمين المتطرف في أوروبا، ويمكن القول إن أحد أهم هذه الأسباب وأكثرها حضوراً هي قضية المهاجرين واللاجئين الذين يتدفقون إلى أوروبا سواء بشكل شرعي أو غير شرعي، حيث تزايدت أعدادهم بشكل كبير جداً خلال السنوات الماضية بسبب الظروف المحيطة بأوروبا، وفي مقدمتها أحداث الربيع العربي.
وتزداد فرص نجاح قوى اليمين المتطرف في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها القارة الأوروبية والتي يتواجد بها رسمياً 22 مليون عاطل عن العمل، ناهيك عن أن المهاجرين يزيدون من تكريس هذه المشكلة نظراً لتكاليفهم الأقل كعمال بدلاء عن العمال الأوروبيين. يُضاف إلى ذلك، تكلفة اللاجئ على الدولة المضيفة في مجالات المرافق والتعليم والصحة وغيره، في ظل موجة السياسات التقشفية التي تتبعها العديد من الدول الأوروبية.
كما أن عدم قدرة الأحزاب والتيارات السياسة التقليدية على تقديم الحلول أو البدائل الناجحة لتلك الإشكاليات، يساعد قوى اليمين المتطرف على سحب البساط من تحت أقدام هذه التيارات، لاسيما ذات التوجه اليساري والاشتراكي، وأحزاب يمين الوسط. وتجلى ذلك مع انهيار سياسات حزب العمل الاشتراكي وما كان له من بالغ الأثر في ارتفاع نسبة مؤيدي “شين فين” في أيرلندا. بعبارة أخرى، يدفع إخفاق الأحزاب التقليدية الناخبين الأوروبيين إلى “الـتـصـويـت العقابي” لصالح اليمين المتطرف نتيجة لعدم الرضا عن سياسات اليمين واليسار، ورفض الناخبين لبرامجهم أكثر من كونه قناعة ببرامج أقصى اليمين.
أيضاً، فإن انتشار الفكر المتطرف والإرهاب على مستوى العالم يبدو أنه يدعم زيادة مقبولية الفكر اليميني المتطرف بين قادة الرأي العام الأوروبي، فلا شك أن انتشار “داعش” يثير تخوفات لدى الرأي العام الأوروبي حول مدى الثقة في قدرة المجتمعات المفتوحة والحرة على حماية مواطنيها، وهو ما يسمح لقوى اليمين المتطرف بإثارة الشكوك حول جدوى آليات الدفاع لدى الحكومات الأوروبية، لاسيما
مع تعرض بعض المدن الأوروبية لعمليات إرهابية مثلما حدث في باريس وبروكسل. ويرتبط ذلك بتصاعد مفهوم “الإسلاموفوبيا” وموجة العمليات الإرهابية منذ أحداث 11 سبتمبر، والتخوفات من سرعة انتشار الدين الإسلامي في أوروبا على الرغم من أن عدد المهاجرين لا يتجاوز 5% من السكان؛ ما رسخ هدف اليمين المتطرف لكسب قاعدة جماهيرية بالادعاء أن الإسلام ومتبعيه هم التهديد الأساسى لقيم أوروبا الثقافية والقومية.
أولاً: الأسباب الاقتصادية
– الأزمة المالية العالمية:
ترجع الأسباب الاقتصادية التي أدت إلي صعود اليمين المتطرف في أوروبا إلي “الأزمة المالية عالمية“، عام 2008، التي أدت لانتشار البطالة والركود الاقتصادي، ومع زيادة الهجرة، بدأ بعض الأوروبيين ينظرون للمهاجرين كمذاحمين لهم في وظائفهم خاصة المسلمين، وهنا ظهرت دعوات للتضييق على المهاجرين، ودعوات عدائية ضدهم، كما تسببت الأزمة الاقتصادية في صعودا اليمين في مختلف أنحاء العالم الغربي، و زادت شعبية اليمين المتطرف في فرنسا إلى %25، وفي الدنمارك إلى %23، وكذلك النمسا إلى %20.
– سرعة الاندماج الأوروبي:
من عوامل صعود اليمين المتطرف أيضًا، زيادة سرعة “الاندماج الأوروبي” الذي أدى إلى زيادة المخاوف من أن هذا الاندماج سيأتي على حساب الخصوصية الوطنية،والمحلية، وأيضاً المشكلات التي تواجه الاتحاد الأوروبي، خاصة الملف الاقتصادي، الذي يعد من التحديات المهمة لتجاوز الخسائر التي عصفت بالدول الأوربية منذ عام 2008 وسببت انهيارات واسعة أجبرت العديد من هذه البلدان على مراجعة بنيتها الاقتصادية من جديد، الأمر الذي ولد ردود أفعال غاضبة، دفعت شرائح واسعة من الأوروبيين إلى اللجوء نحو اليمين المتطرف.
ثانيا: الأسباب السياسية
– انهيار الاتحاد السوفيتي
ومن الأسباب التي أدت للصعود اليميني المتطرف في أوروبا “انهيار الاتحاد السوفيتي”، فمع نهاية الثمانينات، ومطلع التسعينات، نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكك الكتلة الشرقية متمثلة في حلف وارسو وتأسيس الاتحاد الأوروبي نتيجة معاهدة ماستريخت 1992، أدي إلي أن هذه الدويلات التي ظهرت من انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت تعود لأصولها العرقية، ما ساهم في ظهور النزعة القومية عند الكثير من الأوروبيين وانضمام مثل هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي فيما بعد.
– ثورات الربيع العربي
في عام 2011 ومع بداية ما عرف بثورات الربيع العربي، ظهرت عدة صراعات في الشرق الأوسط، منها الأزمات السورية، والليبية، واليمنية وظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتدهور الأحوال المعيشية للمواطن العربي كل ذلك أدى لزيادة الهجرة واللجوء إلي أوروبا.
– عدم الرضا الشعبي عن أداء الأحزاب اليمينية التقليدية
هناك فرضية تؤكد أن العالم الغربي يشهد أزمة سياسية على المستوى الفكري، تتمثل في تراجع قوى اليمين، واليسار التقليدية، وفساد الطبقة السياسية، وغياب الشخصيات القيادية، ما فتح المجال أمام قوى اليمين المتطرف لإعادة طرح نفسها كبديل فعال في هذا السياق.
ثالثا: الأسباب الأمنية
– الإرهاب داخل أوروبا
تصاعد وتيرة الإرهاب كان بمثابة طوق النجاة لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وأمريكا، حيث وجدت فيها ملجأ ومتنفسًا لتقديم نفسها من جديد، ما زاد شعبيتها في الخمس سنوات الأخيرة، ما تجسد في صعود أسهمها في فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا وغيرها من دول أوروبا، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية.
تعرّضت أوروبا لأوّل عمليّة إرهابيّة في 11 مارس 2004، حين فجرت 4 قطارات في مدريد عاصمة إسبانيا، ما أدّى إلى مقتل 191 شخصًا، واتّهمت إسبانيا آنذاك تنظيم القاعدة بتنفيذ الهجوم.
وشهدت العاصمة الفرنسية باريس هجمتين إرهابيّتين عام 2015 أدتا إلى مقتل 140 شخص.
كما أن بريطانيا لم تسلم أيضًا من الإرهاب، ففي عام 2015، طعن رجل ثلاثة أشخاص في قطار الأنفاق في لندن، و صنفت الشرطة هذه العملية على أنّها إرهابية، كما شهد قطار الأنفاق أيضًا 4 هجمات منسقة نفذها 4 انتحاريين عام 2005، ما أدى إلى مقتل 52 شخصًا.
وضرب الإرهاب أيضًا الدّانمارك في 2015، حين أطلق رجل النّار في معرض لحرّية التّعبير في كوبنهاغن، أدّى إلى مقتل شخص وجرح ثلاثة عناصر من الشّرطة.
ونالت ألمانيا حصّتها من الهجمات الإرهابية العام الجاري، الهجوم الأول نفّذه مهاجر أفغاني، طعن 5 أشخاص على متن قطار، أما الهجوم الثاني فتمثّل في تفجير مهاجر سوري نفسه في مدينة Ansbachما أدى إلى جرح 12 شخصًا.
وتعتبر التفجيرات التى شهدتها فرنسا فرصة ذهبية سيقتنصها اليمين المتطرف فى أوروبا للعودة مجددا للسلطة، بعد الهزيمة التى لحقت به فى الآونة الأخيرة، والتيار اليميني الذى خسر فى آخر انتخابات بعدد من الدول الأوربية سيسعى إلى تحقيق المزيد من المكاسب خلال موسم الانتخابى القادم مستغلا الأحداث الإرهابية لجنى مزيد من الأصوات له من خلال ترويج فكره المتطرف المناهض للإسلام والعرب.
واستغل التيار اليمينى الهجمات الإره
Top