• Friday, 17 May 2024
logo

نعم لاستقلال كوردستان ولا.. للتحديات

نعم لاستقلال كوردستان ولا.. للتحديات
شفان شيخ علو

يقر الواقعيون في عالم السياسة، ان السياسة تحتمل التنافس الشريف، من اجل الحفاظ على المصالح العامة العليا للبلاد، وعرّفوها انها :" فن الممكن ". لكن الذي يجري في اقليم كوردستان، ضد سروك مسعود والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وخصوصا ما يتعلق منه بسياسة التعنت التي، يمارسها حزب التغيير، وتعتمد اساسا على الممانعة، والمواجهة السلبية والرفض غير المنطقي، لمشروع الاستفتاء على استقلال الاقليم الذي اعلنته القيادة الكوردستانية، واختلاق فتن سياسية بصورة معلنة او خفية تارة، وتارة اخرى من خلال اللجوء الى التضليل ونشر دعايات مغرضة قد تؤثر على نفسية المواطن الكوردستاني العادي، وتخرج عن الاخلاق السياسية، وتخالف كل "ممكن سياسي وواقعي "، وتتعارض مع المنطق الانساني السليم، وتشكل بالتالي في مجملها ضررا كبيرا على المصالح الجوهرية في الاقليم، ولاتزيد بالتالي عن كونها مراهقة سياسية طائشة، وذلك لأن الظروف الراهنة على المستوى العراقي والكوردستاني، خصوصا بعد الغزو الداعشي، وبعد تعقد الموقفين الدولي والاقليمي، يفترضان بل يستوجبان حدا ادنى من العقلانية والتفاهم واحتواء الخلافات، بدل اللجوء الى التصعيد وخلق فوضى وتوتر من النوع الذي يمكن ان يقود الى نتائج كارثية، لن ترحم بتداعياتها المدمرة الجميع، ولن يكون حال وقوعها في الامكان، التمييز بين طرف رابح وآخر خاسر، وبناء على ذلك يفترض ان يعلم الشركاء السياسيون، وخاصة حزب التغيير، ان المنافسة الحزبية لها ادبياتها واصولها ومواثيقها، وان مسلمّات "نظرية المباراة "التي أُدخلت ميادين السياسة، في كل دول العالم المتحضر تقضي، ان يتصرف كل فريق سياسي حاكم او معارض بحكمة وعقلانية ، بل وفق استراتيجية عاقلة وضامنة لمستقبل واستقرار وامن الاقليم، من التهديدات والمشاكل والتحديات، حيث اننا ينبغي ان لا ننسى المصالح الجوهرية للمجتمع الكوردستاني، وان لا نتسرع او تأخذنا الانانية الحزبية والنزاعات الشخصية في قراراتنا واحكامنا المصيرية، فموضوع الاستقلال والاستفتاء عليه، اصبح ضرورة ملحة بعد ان اصبحت الحياة المشتركة معقدة بل مستحيلة، في ظل دولة مثل العراق الذي، راح ينتج ويصدر الفوضى، وبعد ان اصبحت السيادة العراقية منتهكة ، والقرار العراقي بيد جهات اقليمية ودولية متعددة ومتنازعة، و..الاستقلال ضرورة لأنه من حق الشعب الكوردي في هذه المرحلة ان يمضي الى تقرير مصيره الذي تكفله جميع المواثيق الدولية وقوانين حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية في العالم .



تقرير المصير حق مشروع :

تقرير المصير هدف يسعى اليه الكورد في العصر الحديث ، منذ ان ظهر الوعي القومي الكوردي، وقد اسيلت دماء الشهداء ولاقى شعبنا الويلات من اجل بلوغ هذه الغاية الشريفة، والوصول الى ذلك الحق المشروع، ويشهد التاريخ على الظلم والمعاناة والمرارة القاسية التي، لحقت بالكورد على ايد العثمانيين والعرب والفرس في الاجزاء الاربعة من كوردستان، ففي العراق وبعد تقاسم التركة العثمانية، قررت بريطانية بالاتفاق مع فرنسة، ضم الموصل الى العراق، واشتُرط حينها من الناحية النظرية، ان تراعى حقوق الاقليات العراقية الدينية والعرقية، وخصوصا الحقوق الكوردية، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة الملكية منها والجمهورية لم تحترم التزاماتها ، فقد اقدم بكر صدقي على ارتكاب مجزرة سيميل عام 1933 بحق الاشوريين بغية ابادتهم وتهجيرهم في عهد رشيد عالي الكيلاني ، كما وحمل" الفرهود اليهودي" ابشع المجازر عام 1941 بحق اليهود العراقيين ،حيث تم التجاوز على ارواح واعراض وممتلكات ووجود هذه الاقلية ، بصورة جماعية حتى اضطر اليهود الى الهجرة ومغادرة العراق كليا و.. كذلك المعاناة الكوردية وهنا بيت القصيد لم تتوقف في العراق، فقد تم اضطهادهم ،ومورست بحقهم الانتهاكات تلو الانتهاكات بسبب اختلافهم القومي، حيث اقدم صدام حسين عام 1988 من خلال حملة الانفال ،على تطهير الشعب الكوردي عرقيا، فاستخدم الاسلحة الكيميائية المحرمة ،ضد المدنيين الكورد في حلبجة، واخيرا مارست داعش حرب الابادة الجماعية 3.8.2014 على الكورد الايزيديين في شنكال، ولم تستطع الدولة العراقية ،حماية مواطنيها من الكورد الايزيديين ،من الجينوسايد المقترف بحقهم ،مما يعني ان العراق كدولة وسلطات ،ليس فقط لم يتمكن من حماية اقلياته، بل كان على مر العصورعنصرا فاعلا في ابادة وتهجير وقمع ابناء تلك الاقليات، لذا فانه من الظلم ،ان يبقى الكورد الى الابد في اطار الدولة العراقية الضعيفة والتي لاتبدو حكوماتها سوى اداة لتنفيذ اجندات اقليمية . إذن طالما انه بامكان كوردستان، ان تستقل وتصبح قوية بجهود وسواعد ابنائها ومن خيرات وثروات ارضها فلماذا لاتفعل ذلك؟ ومن هنا ادعو الشركاء السياسين وخاصة حزب التغيير، ان يعودوا الى رشدهم وان لا يغردوا خارج السرب الكوردستاني، فالاستفتاء المقرر هو ليس ملكا شخصيا لفرد او عائلة او حزب، بل هو استحقاق كوردستاني، والشعب الكوردي هو صاحب القرار فيه، لذا فان الحركات الصبيانية التي، تصدر عن حزب التغيير ومحاولات التشويش، لن تفلح في ثني شعبنا الكوردي عن السير نحو حلمه الذي انتظره طويلا، لذلك فان الاستفتاء سيتم في موعده المقرر حتى لو قاطعه بعض الاحزاب الكوردستانية، وسوف يخوضه الحزب الديمقرطي الكوردستاني ويتحمل هذه المسؤولية بمفرده ،واقبال الشارع الكوردستاني على الاستقلال، يشير من الناحية الواقعية ، ان النتائج سوف تكون ايجابية ولصالح مشروع الاستفتاء، ولعل السروك مسعود بارزاني استمد تفاؤله من نبض الشارع، لذا فأن عزيمته تزداد يوما بعد يوم ، وقد صرح قبل ايام انه لن يتراجع عن عزمه في تحقيق مصالح شعبه، بالرغم من كل المخاوف الكبيرة، وانه سوف يتحمل المسئولية عن هذا الفعل السياسي ، مهما كانت تلك النتائج سواء اكانت سلبية ام ايجابية، واوضح سروك بارزاني ،انه سيستمر في خدمة قضية شعبه ،واجاب بحماس منقطع النظير، قبل ايام على تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية الذي، قال ان الوقت غير مناسب، ب (ماهو الوقت المناسب ومتى ستتوفر الضمانات الدولية حتى يصل الكورد الى حقوقهم ؟!. ).

استقلال كوردستان وموقف بغداد :

اتفق "المجلس الرئاسي" الذي، تشكل بعد سقوط الطاغية صدام حسين ،باشراف الحاكم الامريكي بول بريمر ،في المادة ( 58 من قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت) ،الصادر في 27. 06 . 2004 ،الى دعوة الحكومة العراقية إلى اتخاذ تدابير، من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق ،وقد تكفل الدستور العراقي الحالي والصادر في عام 2005 في المادة ( 140 ) ،بوجوب قيام الحكومة العراقية ،بمتابعة الخطوات العملية من اجل تنفيذ الالتزامات الدستورية ، من احصاء وتطبيع وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها ،لتحديد إرادة مواطنيها في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة 2007 ، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد السقوط كشفت عن وجهها الحقيقي، ا

وامتنعت عن تنفيذ النص الدستوري، ومن هنا بدأت الخلافات بين الاقليم وحكومات بغداد، وقد كبر حجم الخلاف وامتد الى حصة الاقليم من ايرادات الدولة العراقية، وقضية عقود الاقليم النفطية مع الشركات الاجنبية، الى مسألة رواتب قوات الپێشمه‌رگة ، وهذه المعطيات تؤكد ان حكومات بغداد تريد ان يكون الاقليم ضعيفا تابعا كما كان الوضع عليه ايام الديكتاتورية، وهي لاتريد ان يستقل الاقليم، بل كلما اصبحت الاوضاع جاهزة لجأت الى المماطلة ونقلت الحصان الى خلف العربة، وذلك بقصد حرمان الشعب الكوردي من حقوقه المشروعة، لذا فان انتظار موافقة حكومات بغداد لن تجلب الثمار، كما ان الوفد الزائر الى بغداد، من اجل موضوع مناقشة مسألة الاقليم لن يأتِ، مع احترام الذي اكنه شخصيا لاعضاء الوفد الزائر، بأمور مفيدة من الناحية العملية، حيث ليس للكورد سوى ارادتهم الموحدة والقوية، ومن هنا ادعو جميع الاحزاب الكوردستانية، وكل الشركاء السياسيين الى نبذ الخلافات الآنية، والتوجه الى صنع ارادة كوردستانية موحدة من اجل المطالبة بالاستقلال.

الاستقلال والموقف الاقليمي:

الدول الاقليمية، خصوصا تركية وايران الدولتان المجاورتان اللتان تعانيان مشاكل في داخلها مع كوردها، سوف تعارضان بصورة طبيعية اقامة دولة كوردية على حدودها، وذلك تخوفا من ان تنتقل عدوى الانفصال الى داخلها، وايران وتركية تخشيان ان تكون هذه الدولة الكوردية المرتقبة والقائمة على حدودها سندا داعما لكوردها في المطالبة بالاستقرار، اذن هو امر طبيعي ان تضع هاتان الدولتان العصي في عجلات السير نحو استقلال كورستان العراق، بل انها ستمنع بكل ما لديها من قوة ان لا تكون هناك دولة كوردية مستقلة على حدودها، ولأن الوضع على هذا الشكل فان مواقف الدول الاقليمية المحاربة لقيام دولة كوردية مستقلة ينبغي ان لا تثنينا عن سعينا، فحقنا ككورد في الانفصال هو استحقاق طبيعي يؤيده التاريخ والجغرافية والواقع الذي يؤكد ان ( الحقوق لاتوهب بل تؤخذ).



الاستقلال والموقف الدولي :

تمكن الكورد بقيادة السروك مسعود بارزاني منذ ادارتهم لمناطقهم الكوردستانية عام 1991، ان يلفتوا نظر العالم بصورة رسمية، فقد ادرج اسم "كوردستان" لأول مرة في سجلات المؤسسات الدولية والاممية، واصبحت قيادة اقليم كوردستان تعقد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية وثقافية مع دول العالم جميعا، وتم تداول القضية الكوردية في المحافل الدولية، وتناولها الإعلام في كل ارجاء العالم،حيث عرف العالم بجهود السروك بارزاني ان الكورد امة حضارية ذات تاريخ عريق، لذلك فقد تم الاعتماد على الكورد بالدرجة الاولى حين اسقط الطاغية صدام حسين في بناء وادارة الاقليم والعراق الجديد، واثبت الكورد جدارة اثارت اعجاب القوى الكبرى في العالم، خصوصا حين انهار الجيش العراقي ومنظومته الامنية في مواجهة داعش، ووقفت قوات الپێشمه‌رگة البطلة وحيدة في خنادق مواجهة الدواعش، وقد ادرك العالم بعد هذا النشاط الكوردي الفاعل والايجابي في العراق الاخطاء السابقة بحق الكورد، بل ظهر هناك تضامن واعتراف دولي واممي على المستوى الرسمي والانساني وجماعات المجتمع الدولي بالحقوق الكوردية، لذلك فان الذين يقولون ان الوقت لايزال مبكرا، فانني اعيد ما قاله سروك بارزاني " متى يكون الوقت مناسبا اذن ومتى تتوفر الضمانات ؟!.

الموقف الدولي مساند لقضية الاستقلال والتصريحات الاعلامية التي، صرح بها الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية قبل ايام، لايعبرعن حقيقة الموقف الامريكي الجاد والرسمي، وهو موقف سيتغير حتما اذا اصر الكورد على موقفهم في السعي نحو الاستقلال، بل ستسارع الولايات المتحدة نفسها والدول الكبرى الاخرى الى مباركة الاستقلال حين حصوله، فالمواقف الاعلامية للدول لاتنقل على الاغلب الصورة الحقيقية لمواقفها، وهناك امثلة كثيرة تبين ان الدول الكبرى تراجعت عن مواقفها الاعلامية ازاء احداث كثيرة في العالم، وتغيرت المواقف من معترضة الى مؤيدة، ثم ان الولايات المتحدة والدول الغربية ليست معارضة لاستقلال كوردستان، بل لها وجهة نظر محددة في الاليات والتحرك. وختاما ادعو مخلصا الاطرف الكوردستانية وجميع شركاء العملية السياسية في كوردستان، وخصوصا حزب التغيير الى التراجع عن المواقف السلبية، والدخول في العملية السياسية المؤيدة للاستفتاء بل الاستقلال، حيث ليس لنا سوى ان نردد معا: نعم للاستقلال لا للتحديات .
Top