• Sunday, 19 May 2024
logo

تظاهرات أم شغب؟

تظاهرات أم شغب؟
خالدة خليل
في طاحونة الازمات التي تطحن برحاها منطقة الشرق الأوسط، لتغيير السياسات وربما الخرائط، يتجاهل او يتغاضى البعض عن حجم المؤامرة التي تحاك ضد الشعب الكوردي وإقليم كوردستان، وضد وحدتهم التي تُجهض احلام الطامحين في السيطرة وحب التملك والتفكير الأحادي العقيم.
وما حدث في السليمانية من اعمال شغب وحرق مقرات للأحزاب وإصابة مدنيين عزل وحرق الدوائر الحكومية، التي حافظ عليها جيل الانتفاضة أو شيدتها حكومة الاقليم، إنما يعد كل هذا التخريب  احد أوجه محاولة تفكيك وحدة الصف الكوردي، لإعاقة وصوله الى أهدافه نحو بناء نموذج متحضر وديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط تتمثل بكوردستان، تلك البقعة التي خصها الله بطيب النفوس وصفاء القلوب.
ولطالما كنت استغرب كيف يمكن لأي كان ان يسمي مثل هذا الشغب بالتظاهرات، كونها تفتقر الى أهم عنصرين في التظاهر وهما السلمية اولاً وعدم تمرير أية مخططات أو اجندات سياسية من خلالها ثانياً.
وسط تلك الضوضاء والصخب شاب يصرخ بوجههم قائلا لهم: لاتحرقوا ممتلكاتنا ولا تدمروها وتوجهوا بجام غضبكم وارفعوا شعاراتكم بوجه من كان السبب في ازماتنا، ارفعوها بوجه من قطع ميزانية الاقليم منذ اربع سنوات. كنت ومازلت أراهن على وعي الشباب المثقف نعم، مثل هذا الشاب يمثل الكورد الذين يصرون دائماً على حقهم في الحياة، ويعلمون اين يكمن الخلل، فيجهضون أية محاولة تريد النيل من وحدتهم ومن وطنهم ومن ممتلكاتهم، أما الذين يخربون ويحرقون فهم ليسوا كورداً، بقدر ما هم صنيعة سياسات خاطئة غرقت في انانيتها وحبها لذاتها ونسيت حبها لكوردستان.
دعونا ايها الاخوة نثبت للعالم رقينا وتحضرنا بهدوئنا وقدرتنا على التحمل، لأننا شعب مناضل ومكافح وهذه ليست المرة الاولى التي يتكالب فيها الأعداء علينا. فمن محمود الحفيد الى البارزاني ومن حلبجة الى شنگال سلسلة تحديات وكفاح لا ينتهي.
دعونا نمنح الفرصة للحكومة التي تفعل مابوسعها للخروج من هذه الأزمة، ثقوا في رئيس وزرائنا الشاب الذي يتحدى الصعاب من أجل مستقبلنا. خاصة اننا على أبواب الانتخابات في الاقليم.
أشرعوا النوافذ على مصراعيها ليدخل اليها ضوء النهار، ونمارس سياسة واضحة بعيداً عن خفافيش الظلام الذين يريدون السير بالإقليم نحو الهاوية.
وبوسعنا جميعاً ان نجتمع على قلب واحد، ونعمل من أجل الإصلاح، ونقضي على الفساد الذي لم ينج منه بلد من بلدان الشرق الأوسط. فالتغيير والإصلاح لايكونان بالسلاح والعنف والتخريب، بل بالنضال والوحدة والحوار.
اما مايدعونه من نهوض فكري فإن النهوض يحتاج لتغيير فكري، والتغيير أداته الوقت وديمومته الهدوء في العمل. كما أنه يحتاج لزمن وعمل وفق خطة مرسومة ، ولايمكن أن يكون إرتجالياً .إذاً لابد من حوار ونقد ونقد ذاتي للتخلص من السلبيات وتعزيز الايجابيات. وهذا هو المقصود بالتغيير. فمشروع الشرق الأوسط سوف يستمر حتى نهاية هذا القرن كما تشير الى ذلك كل المؤشرات. ولايمكننا الوقوف بوجه الاعاصير والزوابع والمؤامرات الا بالوحدة والتكاتف. ولأننا شعب عريق وعرقنا أصيل، فإن العرق الأصيل لا تفشل تجاربه كما مع دول مثل المانيا او إيطاليا اذا أردنا التمهيد للمستقبل. وان الصراع بين الأحزاب يجب ان يكون من اجل الحرية والدفع بالديمقراطية نحو الامام وليس من اجل التفتيت والتبعثر. لكي نضع أسسا مبنية على معايير المجتمعات المدنية المتحضرة ومبادئ حقوق الانسان.
Top