جلال شيخ علي
مما لاشك فيه ان الانتخابات عبارة عن عمليّة ديمقراطية تجرى وسط اجواء حرة وآمنة يقوم فيها الشعب باختيار ممثلين عنهم في المجلس النيابي... أشار قانون انتخابات مجلس النواب العراقي في المادة الثانية على حتمية ضمان حقوق الناخب والمرشح في المشاركة الانتخابية، وضمان عدالة الانتخابات وحريتها ونزاهتها وتوفير الحماية القانونية لمراحل وإجراءات العملية الانتخابية.
في ضوء كل ذلك فإن اجراء الانتخابات في مدينة كركوك تفتقد لعدة شروط ومعايير منها عدم توفر شَرطَي حرية الرأي والأمان... المدينة ترزح تحت الاحتلال يحكمها حاكم عسكري نصب نفسه بعد ان اطاح بالمحافظ المنتخب من قبل اهل المدينة !!!
نعلم جميعا أنه في ليلة السادس عشر من اكتوبر تقدمت القوات العراقية بدباباتها واسلحتها الثقيلة صوب مدينة كركوك لاحتلالها الامر الذي لم يكن ليتحقق لو لا خيانة البعض من اعضاء الاتحاد الوطني الكوردستاني... بعد هذا التأريخ جرى تغيير في ديموغرافية المدينة اذ تم استقدام العرب اليها بشكل غير قانوني وتم استيطانهم بطريقة مدروسة وممنهجة...
وبأمر من الحاكم غير الشرعي للمدينة تم محو ومنع كل ما يرمز للقومية الكوردية في المدينة، لذا لا اعلم كيف ستشارك الاحزاب الكوردية في الانتخابات وهم ممنوعون من رفع علم كوردستان فوق مقراتهم !!!
في ظل كل ماجرى ويجري في مدينة كركوك هل هناك من عاقل يتصور اجراء انتخابات نزيهة وحرة فيها؟ أو هل يمكن ممارسة الديمقراطية تحت حراب الاحتلال ؟؟؟
أضف الى كل ذلك فإنه من الناحية القانونية، الانتخابات في ظل الاحتلال عبارة عن خطأ كبير من شأنه أن يضفي صفة الشرعية على الاحتلال والقبول بالانتخابات تحت حراب المحتل، وحمايته ورعايته وتنظيمه عبارة عن اعتراف صريح وواضح بحق القوة المحتلة في ترتيب الأوضاع الداخلية للواقعين تحت الاحتلال،
وهذا يعني الاعتراف بالاحتلال لأن مرجعية هذه الانتخابات هي الاحتلال، والقانون الذي ينظمها هو قانون الاحتلال (أو الذي وضع بإشرافه) والإجراءات هي التي يوافق عليها الاحتلال، والنتائج هي التي يصادق عليها الاحتلال أو موظفوه والمؤتمِرون بأمره.
لذا فإن قرار الحزب الديمقراطي الكوردستاني بعدم المشاركة في الانتخابات النيابية العراقية في هذه المناطق هو عين الصواب اذ ليس من الممكن اجراء انتخابات في مدينة مئات الآلاف من ابنائها مهجرون بقوة السلاح، هذا ناهيك عن الاجراءات العقابية التي تنتظر الحكومة المحلية المنتخبة والممثلة بــ محافظ المدينة وعدد من اعضاء الحكومة المحلية الفارين من بطش القوة المهاجمة على مدينتهم لا لشيء سوى لأنهم أدلوا برأيهم في الاستفتاء...!!!
لذا من يشارك في الانتخابات هذه فهو يقر بقانونية احداث ليلة السادس عشر من اكتوبر ويقر بأحقية احتلال هذه المناطق من قبل قوات الحشد الشعبي، وهو بذلك يناقض أبجديات الديمقراطية التي لاتعترف بأي اجراء وتحت اي مسمى في ظل الاحتلال ويوصف من يؤمن بإمكانية إجراء انتخابات ديمقراطية في ظل الاحتلال كمن يتوهم السراب ماء في الصحراء .