• Monday, 20 May 2024
logo

نفط إقليم كوردستان للجميع ونفط الجميع "ما ادري وين يروح"؟

نفط إقليم كوردستان للجميع ونفط الجميع

علي البيدر

 

قبل عدة ايام اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز الخاص بإقليم كوردستان. قرار المحكمة هذا اعتمد على أحكام المواد (110 و111 و110 و115 و121 و130) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 كما جاء في بيان رسمي.

هذا القرار جاء بعد 15 عاماً على إقرار قانون النفط والغاز لاقليم كوردستان ـ العراق، وسط تساؤل الجميع عن غياب السلطة القضائية في البلاد كل هذه المدة عن القانون الذي يعمل على تطوير الثروة النفطية في اقليم كوردستان بحيث تحقق أعلى منفعة لشعب كوردستان وللشعب العراقي عموما، باستخدام تقنيات مبادئ السوق الاكثر تقدما، وتشجيع الاستثمار للطاقة في الاقليم كما جاء في الاسباب الموجبة له؟ ليس هذا فحسب، بل انه جاء في توقيتات حرجة تزيد الازمة تعقيداً وتؤدي الى سيناريوهات غير معلومة كما يرى مراقبون للمشهد في البلاد.

إقليم كوردستان رد على القرار قائلاً: انه غير دستوري، كون المادة 112 من الدستوري العراقي اشارت الى الآتي: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار. وهذا ما اكدته المادة 18 من قانون النفط والغاز في الاقليم والتي جاءت كالآتي:

تتولى حكومة الاقليم وبموجب الشروط الواردة في المادة 19 من هذا القانون ما يلي :

أولاً: الاتفاق مع الحكومة الاتحادية لادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية في الاقليم بصورة مشتركة.

ثانياً: التعاون مع الحكومة الاتحادية لرسم السياسة الستراتيجية معاً بغية تطوير الثروة النفطية والغازية في الاقليم متوازناً مع النشاطات النفطية الاخرى في البلاد بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة احدث تقنيات مبادىء السوق وتشجيع الاستثمار بموجب المادة (112) من الدستور الاتحادي.

ثالثاً: التعاون مع (المجلس الاتحادي للنفط والغاز) والذي يتم تشكيله بالاتفاق مع حكومة الاقليم بغية إبرام العقود وصياغة المعايير ونماذج العقود والشروط التجارية للتفاوض مع المقاولين العاملين في العراق.

رابعاً: الموافقة على ايداع جميع العائدات المستحصلة من العمليات النفطية في الاقليم في الصندوق العام لعائدات النفط الخاصة بالعراق.

اذ لا تعارض لهذا القانون مع الدستور العراقي ولن يتعارض إطلاقًا مع القوانين الحالية او اللاحقة التي ستشرع في المستقبل. قرار المحكمة هذا سوف يصادر صلاحيات الاقاليم والمحافظات الدستورية بما يخص تطوير واستثمار النفط والغاز التي جاءت في المادة 112 من الدستور.

يبدو ان حالة الاستقرار التي يعيشها الاقليم ومستوى الخدمات المقدمة لقاطنيه، مسألة بدأت تحرج الكثير من الاطراف السياسية في البلاد وراحت تفتش عن وسائل لعرقلة حالة التقدم والتطور المستمر في مدن إقليم كوردستان والتي اصبحت بعض قصبات الاقضية والنواحي فيها تضاهي مراكز لمحافظات عراقية ترزح تحت خط الفقر بنسبة تجاوزت الـ50% احياناً.

اما عن مراكز محافظات الاقليم فقدت اخذت بالوصول الى مصاف المدن الاقليمية الكبيرة بفضل الارادة والتصميم على مواكبة النمو والازدهار، في حين ما تزال بغداد عاصمة البلاد تتصدر دول العالم الاسوأ للعيش بعد سنوات من الاخفاق في تقديم ابسط الخدمات للمواطنين وتراجع مستوى الامن فيها. لا يمكن لأحد نكران نجاح الاقليم بنسبة الـ 10% من موازنات العراق التي تجاوزت حاجز الـ100 مليار دولار في سنواتها الاخيرة بتشييد بنى تحتية بمواصفات عصرية وتوفير افضل الخدمات للمواطنين وإقامة مشاريع إستثمارية بمواصفات عالمية بعضها يضاهي ما موجود في المحيط الاقليمي.

اليوم راح المواطن العراقي يتسائل عن مصير الـ90% التي تخصص لمدن ما تبقى من العراق عدا الإقليم والتي تعيش اسوأ مرحلة تأريخية شهدتها البلاد بعد هيمنة الفساد على مفاصل حساسة ومهمة في مؤسسات الدولة، بل انه اصبح ثقافة مجتمعية في تلك المناطق بعد ان تلوث كثيرون به. هذا السؤال بدأ يؤرق نسبة كبيرة من المنظومة السياسية بعد عجزها عن اللحاق بما وصل اليه الاقليم، إذ راحت تضع العصيّ في دولايب مسيرة الاعمار على ارض كوردستان من باب ان يتساوى الجميع بدرجة السوء وان لا يسألهم احد ثانية: لماذا حال الاقليم افضل من حالنا؟ لماذا شوارع الاقليم اجمل وانظف؟ لماذا كل شيء في الاقليم يوحي لك انك في دولة اخرى؟.

هكذا اسئلة بدأت تتصاعد بين الاوساط الشعبية في طول البلاد وعرضها خارج حدود الاقليم سيما بعد زيادة مستوى الوعي لدى الشارع العراق عقب احداث ثورة تشرين، وهذا ما يمثل مصدر ازعاج للسلطة التي اخفقت في كل شيء بدءاً من توفير الامن وصولاً الى ايصال التيار الكهربائي والماء اي كانت صلاحياته للشرب الى المواطنين وليس انتهاءً بتوفير فرصة عمل لمئات الالاف من العاطلين نصفهم من اصحاب الشهادات الجامعية، بعضهم يمارس مهناً لا تتلاءم مع شهادته بعد ان اعياه الجوع.

بالعودة الى عنوان المقال، لنفرض جدلاً التزام اقليم كوردستان بقرارات المحكمة وتسليم جميع نفطه وغازه الى المؤسسات النفطية الاتحادية! من يضمن ان لا يتم سرقة ما ينتجه الاقليم من نفط كما يحصل مع نفط البلاد الذي لا نعرف اين تذهب امواله التي تكفي لبناء دول على الرمال وليس اعمار مدن موجودة لكنها منهوبة. اكيد لا احد يضمن هذا بما في ذلك المحكمة الموقرة التي اصدرت قرارها بالضد من قانون نفط الاقليم.

 

 

روداو

Top