• Monday, 20 May 2024
logo

اعتراف بالعراق الجديد

اعتراف بالعراق الجديد
المصدر: الصباح

للكاتب: طارق حرب

يوم 15/ 12/ 2010 تولى مجلس الامن الغاء العديد من قرارات مجلس الامن التي كانت تعتبر العراق دولة خارجة على المجتمع الدولي ودولة تهدد السلم والامن الدولي وتعمل للعدوان على الدول الاخرى



تلك القرارات التي اصدرها مجلس الامن بسبب غزو الكويت والتي كان اولها القرار 661 الذي صدر بعد خمسة ايام من دخول الجيش العراقي للكويت في 2/ 8/ 1990 واذا كانت القرارات الجديدة قد جاءت نتيجة للتطور الكبير الحاصل في العراق في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الاقليمية والدولية خاصة ما يتعلق بما قامت به الحكومة العراقية والشعب العراقي من تعزيز لدور الدستور ودولة المؤسسات القانونية وحقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية والتطور الامني الكبير وقدر الاجهزة الامنية العراقية على الوصول الى درجات عليا في هذا المجال وتطور الاقتصاد العراقي وقدرة العراقيين على حل مشاكلهم بنفسهم بحيث ان التدخل الخارجي سواء اكان من الامم المتحدة او من مكتب (يونامي) في العراق او من الولايات المتحدة او من دول الجوار لم يكن له دور في تشكيل الحكومة الجديدة سواء بالنسبة لرئاسة الجمهورية او رئاسة مجلس النواب او تكليف المالكي بتشكيل الحكومة واتفاق جميع الكتل السياسية على دعم المالكي في مشروعه الوزاري والمشاركة في مجلس الوزراء الجديد وما العلاقة الجديدة التي نشأت بين المالكي واياد علاوي بعد اجتماعهما قبل عدة أيام واجتماعهما الجديد في هذا الاسبوع الا تأكيد لحقيقة عزم العراقيين على النهوض باعباء بلدهم بعيداً عن التاثيرات الخارجية تطبيقاً للقول(اهل مكة ادرى بشعابها) فقد فشلت جميع المساعي للامم المتحدة والدول الاخرى ونجح المشروع الوطني العراقي لابنائه فقط. اقول ان جميع ذلك وسواه كان له تاثير على مجلس الامن الدولي بحيث اثر العراقيون في المجتمع الدولي خلافاً لما كان سابقاً من عكس هذا القول فكان اجتماع مجلس الامن وكانت جلسته المشهورة التي تضمنت الغاء احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة التي كانت مطبقة على العراق باستثناء الحالة الكويتية هي حالة خاصة تكمن في التاثير الكويتي على مجلس الامن وعلى الولايات المتحدة وهذا تأثير سرعان ما ينهار في قابل الايام وذلك لان مصلحة الولايات المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن في نجاح المشروع الديمقراطي والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العراق لا تساويها اية مصلحة اخرى. واذا كان مجلس الامن قد اصدر عشرات القرارات بشان العراق بدءاً من القرار 661 لسنة 1990 والذي حظر استيراد اية مادة من العراق والقرار 665 الخاص بالحصار البحري والقرار 678 الخاص باستخدام وسائل القسر والقمع ضد العراق والقرار 687 الخاص بالتعويضات وانشاء صندوق التعويضات والقرار 833 بشان ترسيم الحدود بين العراق والكويت والقرار 712 الخاص بتصدير جزئي للنفط العراقي والقرار 986 والخاص ببرنامج النفط مقابل الغذاء والقرار 1483 الخاص بشرعية الاحتلال الاجنبي للعراق وماتلاه من القرار 1501 و1511 والقرار 1546 الخاص بنقل السلطة الى العراقيين والحكومة العراقية والقرارات التي اعترفت بسيادة ووحدة العراق واستقلاله منها القرار1859لسنة 2008والقرار 1905 لسنة 2009 الذي انتهى بصدور قرارات مجلس الامن الجديد في 15/ 12/ 2010 بجلسة حضرها نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن واذا كانت بعض القرارات الصادرة من مجلس الامن قد تم تنفيذها او انها قرارات لفترة معينة انتهت بانهاء هذه الفترة ولا يزال نافذاً منها الا القليل لذلك نجد ان قرارات مجلس الامن يوم 15/ 12/ 2010 اكدت اولاً على السيادة الكاملة للعراق بالفاظ تختلف عما ورد في القرارات السابقة وبما ان مجلس الامن يعتبر السلطة التشريعية الدولية فان قراراته تمثل العالم والمجتمع الدوليباجمعه باعتبارها المصدر الاول من مصادر احكام القانون الدولي وهذا يعني اعتراف القانون الدولي بالسيادة الكاملة والاستقلال ووحدة الاراضي العراقية، كذلك تضمنت قرارات مجلس الامن الاعتراف بعدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق وهذا يعني ان العراق لا يهدد السلم والامن الدولي ولا يقصد العدوان وهو السبب الكامن وراء صدور قرارات مجلس الامن السابقة والغت القرارات برنامج النفط مقابل الغذاء وان كان هنالك تحفظ من ممثل فرنسا في مجلس الامن وامتناع عن التصويت فان سببه يعود الى ان الجهة التي تمول الجانب المالي لهذا البرنامج هي مصرف فرنسي كونه الجهة التي تتولى دفع اموال هذا المشروع وكذلك فان القرارات رفعت الحظر عن الاستخدام السلمي للطاقة النووية وبالتالي فتح المجال امام التطور العلمي والاقتصادي لاستعمال هذه الطاقة في مجالات الحياة كافة، وان كانت هنالك دعوة من مجلس الامن للعراق في التصديق على البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية والجهات المختصة في وزارة الخارجية اتخذت ما يلزم بشان ذلك ولم يتبق من المصادقة سوى اصدار قانون من مجلس النواب وهذه عملية يسيرة وسهلة وذلك لان مجلس النواب صادق على جميع الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات التي تم عرضها عليه ولم يحصل ان امتنع مجلس النواب عن ذلك.
كذلك تضمنت قرارات مجلس الامن استمرار صندوق تنمية العراق والذي يحافظ على الاموال العراقية من الوزارات النفطية واستمرار الحصانة والحماية للاموال العراقية من الدعاوى والمطالبات الناشئة عن الالتزامات المالية للنظام السابق قبل 9/ 4/ 2003 ويلاحظ ان قرارات مجلس الامن هذه جاءت باجماع اعضاء مجلس الامن الذين يمثلون خمس عشرة دولة من بينهم الخمس الكبار وهم اميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وان كان هنالك امتناع عن التصويت وليس التصويت ضد القرارات من المندوب الفرنسي في جزئية واحدة هي مشروع النفط مقابل الغذاء بسبب الالتزامات المالية لهذا المشروع.
واذا كانت قرارات مجلس الامن قد استبقت ما يتعلق بالكويت من تعويضات والمفقودين الكويتيين والارشيف الكويتي ورسم الحدود البحرية ونفقات ترميم علامات الحدود والجدار الفاصل بين العراق والكويت وكنا نتمنى ان يتم تخصيص هذه التعويضات من نسبة (5 بالمئة) الى(1 بالمئة) او تاجيل دفعها لحين وصول العراق الى وضع اقتصادي افضل مما هو عليه الان كما ان ترسم الحدود البحرية يعاني من مشكلة البدء بانشاء ميناء كويتي في جزيرة(بوبيان) وهي عند مدخل المياه الاقليمية العراقية اما مسألة المفقودين فان السنوات الماضية اثبتت الموقف السليم للعراق في التجاوب مع هذه الطلبات من جانب انساني ولكن لم يتحقق شيء .
واما بالنسبة للارشيف الكويتي فلا نعلم هل تولى رجال النظام السابق تهريبه الى خارج العراق لغرض بيعه او للاحتفاظ به ام انه كان من حصة (الحواسم) في فترة سقوط النظام ولو كان لدى الجهات الرسمية العراقية لبادرت الى تسليمه للسلطات الكويتية، وبالنسبة لتحمل نفقات صيانة الحدود البرية فهذه مسألة القى فيها(آدميلكرت) ومكتبه في العراق(يونامي) والامم المتحدة التقصير على الجانب العراقي في تقريره الذي قدمه الى مجلس الامن في شهر آب 2010 ولا نعلم سبب موقفهم هذا اذا كانت العلامات الحدودية والجدار الفاصل تم انشاؤهما من قبل الكويت على بعض الاراضي العراقية من قبل لجنة ترسيم الحدود التي خلت من ممثل عن العراق بسبب رعونة صدام الذي لم يطلب اشراك ممثل عن العراق. وفي جميع الاحوال فاننا على يقين ان العلاقات بين العراق والكويت اسمى من ان تتأثر بسبب هذه الامور لاسيما ان الجهات العراقية بما فيها وزارة الخارجية تتخذ ما يلزم بشكل مستعجل لتسوية هذه الامور ولنا ثقة في قدرة الوزارة على تحقيق ذلك. وتاكيداً لمسلك الحكومة العراقية في ازالة اثار النظام السابق وقرارات مجلس الامن ذات العلاقة بالعراق فاننا نطالب باعادة النظر بالامتياز الممنوح للامم المتحدة ذلك ان مما يخل بالسيادة منح الامم المتحدة في العراق امتيازات اكثر ما تمنحه دول العالم التي تكتفي بسفارة الامم المتحدة وممثليتها في العراق دون زيادة وهذا ما هو موجود في دول العالم اجمع حتى الدول المتخلفة، الامر الذي يقضي اعادة النظر بقرار مجلس الامن 1936 الصادر في شهر اب 2010 والنافذ لغاية شهر اب 2011 والذي انشأ مكتب(يونامي) وممثلية الامم المتحدة في العراق اذ لا يمكن ان يقدم العراق امتيازاً للامم المتحدة اكثر مما تقدمه جميع دول العالم بما فيها الدول العربية كالاردن ولبنان وبقاء هذا الامتياز يخدش السيادة العراقية لا سيما اذا علمنا ان جهد العراقيين في انشاء دولة وتحقيقهم الانجازات ووصول العراق الى ما هو عليه ارجعه اعضاء مجلس الامن في جلسة يوم 15/ 12/ 2010 لهذه البعثة وللامم المتحدة على الرغم من الفشل الذريع للامم المتحدة في مشاريعها في العراق خاصة العدالة الانتقالية التي لم تستطع الوصول الى شخص واحد يعترف بجرائمه زمن النظام السابق وفشلها في اقامة الحكومة الجديدة وحتى في مسالة كركوك فلقد كان اقتراحها بتاجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك حتى وان ترتب عليه بقاء هذه المشكلة واستمرارها وعدم اجراء الانتخابات حتى الان على الرغم من مضي سنتين على انتخابات مجالس المحافظات لا بل كان رأيها هو انشاء وجوه اخرى لهذه المسالة لجعلها اكثر صعوبة وتعقيداً، الامر الذي يوجب اليه اعادة النظر في هذا الامتياز الخاص ببعثة الامم المتحدة في شهر حزيران المقبل عندما تتم مراجعة القرار الخاص بالحماية والحصانة للاموال العراقية ومسألة الكويت فالسيادة لا بد ان تكون كاملة سواء من الدول الاخرى او من الامم المتحدة،والعراقيون اقدر على ادارة شؤون بلادهم.
صحيح اننا نحتاج الى مساعدة الامم المتحدة ولكن يجب ان تكون هذه المساعدة من نفس المستوى الذي تقدم خلاله الامم المتحدة هذه المساعدة وهي ممثلية الامم المتحدة وسفارتها ليس من خلال مكتب كبير غير موجود في الدول الاخرى وفي جميع الاحوال فان كل مواطــن لا بد ان يشعر بالفخر والفرح بما حققته الحكومة العراقية وبالقرارات الجديدة لمجلس الامن.
Top